ابن آدم من الملك الدنيوي عادة - ثم زيد عليه مثله ليكون لهم ضعفا ما في الأرض ثم أرادوا ان يفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب اليم يريدون ان يخرجوا من النار وهى العذاب وما هم بخارجين منها لأنه عذاب خالد مقيم عليهم لا يفارقهم ابدا.
وفى الآية إشارة اولا إلى أن العذاب هو الأصل القريب من الانسان وانما يصرف عنه الايمان والتقوى كما يشير إليه قوله تعالى: " وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا " (مريم: 72) وكذا قوله: " ان الانسان لفى خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " (العصر: 3).
وثانيا: أن الفطرة الأصلية الانسانية وهى التي تتألم من النار غير باطلة فيهم ولا منتفية عنهم وإلا لم يتألموا ولم يتعذبوا بها ولم يريدوا الخروج منها.
قوله تعالى: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " (الآية) الواو للاستيناف والكلام في مقام التفصيل فهو في معنى: " وأما السارق والسارقة (الخ) ولذلك دخل الفاء في الخبر أعني قوله: " فاقطعوا أيديهما " لأنه في معنى جواب أما، كذا قيل.
و أما استعمال الجمع في قوله: " أيديهما " مع أن المراد هو المثنى فقد قيل: إنه استعمال شائع، والوجه فيه: أن بعض الأعضاء أو أكثرها في الانسان مزدوجة كالقرنين والعينين والأذنين واليدين والرجلين والقدمين، وإذا أضيفت هذه إلى المثنى صارت أربعا ولها لفظ الجمع كأعينهما وأيديهما وأرجلهما ونحو ذلك ثم اطرد الجمع في الكلام إذا أضيف عضو إلى المثنى وإن لم يكن العضو من المزدوجات كقولهم: ملأت ظهورهما وبطونهما ضربا، قال تعالى: " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " (التحريم: 4) واليد ما دون المنكب والمراد بها في الآية اليمين بتفسير السنة، ويصدق قطع اليد بفصل بعض أجزائها أو جميعها عن البدن بآلة قطاعة.
قوله: " جزاء بما كسبا نكالا من الله " الظاهر أنه في موضع الحال من القطع المفهوم من قوله: " فاقطعوا " أي حال كون القطع جزاء بما كسبا نكالا من الله، والنكال هو العقوبة التي يعاقب بها المجرم لينتهى عن إجرامه، و يعتبر بها غيره من الناس.
وهذا المعنى أعني كون القطع نكالا هو المصحح لان يتفرع عليه قوله: " فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه (الخ) أي لما كان القطع نكالا يراد به رجوع