يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم - 37.
والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم - 38. فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم - 39. ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شئ قدير - 40. (بيان) الآيات غير خالية الارتباط بما قبلها، فان ما تقدمها من قصة قتل ابن آدم أخاه وما كتبه الله سبحانه على بني إسرائيل من اجله، وان كان من تتمة الكلام على بني إسرائيل وبيان حالهم من غير أن يشتمل على حد أو حكم بالمطابقة لكنها لا تخلو بحسب لازم مضمونها من مناسبة مع هذه الآيات المتعرضة لحد المفسدين في الأرض والسراق.
قوله تعالى: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ".
" فسادا " مصدر وضع موضع الحال، ومحاربة الله وإن كانت بعد استحالة معناها الحقيقي وتعين إرادة المعنى المجازى منها ذات معنى وسيع يصدق على مخالفة كل حكم من الأحكام الشرعية وكل ظلم وإسراف لكن ضم الرسول إليه يهدى إلى أن المراد بها بعض ما للرسول فيه دخل، فيكون كالمتعين ان يراد بها ما يرجع إلى إبطال اثر ما للرسول عليه ولاية من جانب الله سبحانه كمحاربة الكفار مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم واخلال قطاع الطريق بالأمن العام الذي بسطه بولايته على الأرض، وتعقب الجملة بقوله: ويسعون في الأرض فسادا " يشخص المعنى المراد وهو الافساد في الأرض بالاخلال بالأمن وقطع الطريق دون مطلق المحاربة مع المسلمين، على أن الضرورة قاضية بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعامل المحاربين من الكفار بعد الظهور عليهم والظفر بهم هذه المعاملة من القتل والصلب والمثلة والنفي.
على أن الاستثناء في الآية التالية قرينة على كون المراد بالمحاربة هو الافساد المذكور