أبى حمزة الثمالي، عن ثوير بن أبي فاخته قال: سمعت على بن الحسين عليه السلام يحدث رجالا من قريش قال: لما قربا ابنا آدم القربان قرب أحدهما أسمن كبش كان في صيانته، وقرب الاخر ضغثا من سنبل فتقبل من صاحب الكبش وهو هابيل، ولم يتقبل من الاخر، فغضب قابيل، فقال لهابيل: والله لأقتلنك، فقال هابيل: إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين.
فطوعت له نفسه قتل أخيه فلم يدر كيف يقتله حتى جاء إبليس فعلمه فقال: ضع رأسه بين حجرين ثم اشدخه فلما قتله لم يدر ما يصنع به، فجاء غرابان فأقبلا يتضاربان حتى اقتتلا فقتل أحدهما صاحبه، ثم حفر الذي بقى في الأرض بمخالبه، ودفن فيه صاحبه، قال قابيل: يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب - فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين، فحفر له حفيرة ودفنه فيها فصارت سنة يدفنون الموتى.
فرجع قابيل إلى أبيه فلم ير معه هابيل فقال له آدم: أين تركت ابني؟ قال له قابيل: أرسلتني عليه راعيا؟ فقال آدم: انطلق معي إلى مكان القربان، وأوجس نفس آدم بالذي فعل قابيل، فلما بلغ مكان القربان استبان له قتله، فلعن آدم الأرض التي قبلت دم هابيل، وأمر آدم أن يلعن قابيل، ونودى قابيل من السماء لعنت كما قتلت أخاك، ولذلك لا تشرب الأرض الدم.
فانصرف آدم يبكى على هابيل أربعين يوما وليلة فلما جزع عليه شكى ذلك إلى الله فأوحى الله إليه إني واهب لك ذكرا يكون خلفا عن هابيل فولدت حواء غلاما زكيا مباركا فلما كان في اليوم السابع أوحى الله إليه: يا آدم إن هذا الغلام هبة منى لك فسمه هبة الله فسماه آدم هبة الله.
أقول: الرواية من أوسط الروايات الواردة في القصة وما يلحق بها وهى مع ذلك لا تخلو عن تشويش في متنها حيث إن ظاهرها ان قابيل اوعد هابيل بالقتل ثم لم يدر كيف يقتل؟ وهو معنى غير معقول إلا ان يراد انه تحير في أنه أي سبب من أسباب القتل يختاره لقتله؟
فأشار إليه إبليس - لعنة الله - ان يشدخ رأسه بالحجارة وهناك روايات اخر مروية من طرق أهل السنة والشيعة يقرب مضمونها من مضمون هذه الرواية.