اركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا (91) (بيان) الآيات متصلة بما قبلها من حيث تتعرض جميعا (85 - 91) لما يرتبط بأمر القتال مع طائفة من المشركين وهم المنافقون منهم ويظهر من التدبر فيها أنها نزلت في قوم من المشركين أظهروا الايمان للمؤمنين ثم عادوا إلى مقرهم وشاركوا المشركين في شركهم فوقع الريب في قتالهم واختلفت أنظار المسلمين في أمرهم فمن قائل يرى قتالهم وآخر يمنع منه ويشفع لهم لتظاهرهم بالايمان والله سبحانه يكتب عليهم إما المهاجرة أو القتال ويحذر المؤمنين الشفاعة في حقهم.
ويلحق بهم قوم آخرون ثم آخرون يكتب عليهم إما إلقاء السلم أو القتال ويستهل لما في الآيات من المقاصد في صدر الكلام ببيان حال الشفاعة في آية وببيان حال التحية لمناسبتها إلقاء السلم في آية أخرى.
قوله تعالى: (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها) النصيب والكفل بمعنى واحد ولما كانت الشفاعة نوع توسط لترميم نقيصة أو لحيازة مزية ونحو ذلك كانت لها نوع سببية لاصلاح شأن فلها شئ من التبعة والمثوبة المتعلقتين بما لأجله الشفاعة، وهو مقصد الشفيع والمشفوع له فالشفيع ذو نصيب من الخير أو الشر المترتب على الشفاعة وهو قوله تعالى (من يشفع شفاع) (الخ). وفي ذكر هذه الحقيقة تذكرة للمؤمنين وتنبيه لهم أن يتيقظوا عند الشفاعة لما يشفعون له ويجتنبوها إن كان المشفوع لأجله مما فيه شر وفساد كالشفاعة للمنافقين من المشركين أن لا يقاتلوا فإن في ترك الفساد القليل على حاله وإمهاله في أن ينمو ويعظم فسادا معقبا لا يقوم له شئ ويهلك به الحرث والنسل فالآية في معنى النهى عن الشفاعة السيئة وهى شفاعة أهل الظلم والطغيان والنفاق والشرك المفسدين في الأرض.
قوله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) (الآية) أمر بالتحية قبال