وإذا سلم على القوم وهم جماعة أجزأهم أن يرد واحد منهم وفي التهذيب بإسناده عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبى جعفر عليه السلام وهو في الصلاة فقلت: السلام عليك. فقال: السلام، عليك فقلت: كيف أصبحت؟ فسكت فلما انصرف قلت: أيرد السلام وهو في الصلاة؟ قال: نعم، مثل ما قيل له.
وفيه بإسناده عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا سلم عليك الرجل وأنت تصلى قال: ترد عليه خفيا كما قال.
وفي الفقيه بإسناده عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال: لا تسلموا على اليهود، لا على النصارى، ولا على المجوس، ولا على عبدة الأوثان، ولا على موائد شراب الخمر، ولا على صاحب الشطرنج والنرد، ولا على المخنث، ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات، ولا على المصلى لان المصلى لا يستطيع أن يرد السلام لان التسليم من المسلم تطوع والرد فريضة، ولا على آكل الربا، ولا على رجل جالس على غائط، ولا على الذي في الحمام، ولا على الفاسق المعلن بفسقه.
أقول: والروايات في معنى ما تقدم كثيرة، والاحاطة بما تقدم من البيان توضح معنى الروايات فالسلام تحية مؤذنة ببسط السلم، ونشر الامن بين المتلاقين على أساس المساواة والتعادل من استعلاء وادحاض، وما في الروايات من ابتداء الصغير بالتسليم للكبير، والقليل للكثير، والواحد للجمع لا ينافي مسألة المساواة وانما هو مبنى على وجوب رعاية الحقوق فإن الاسلام لم يأمر أهله بإلغاء الحقوق، واهمال أمر الفضائل والمزايا بل أمر غير صاحب الفضل أن يراعى فضل ذي الفضل، وحق صاحب الحق، وانما نهى صاحب الفضل أن يعجب بفضله، ويتكبر على غيره فيبغي على الناس بغير حق فيبطل بذلك التوازن بين أطراف المجتمع الانساني.
وأما النهى الوارد عن التسليم على بعض الافراد فإنما هو متفرع على النهى عن توليهم والركون إليهم كما قال تعالى: " لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) (المائدة: 51) وقال: (لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء) (الممتحنة - 1) وقال: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) (هود - 113) إلى غير ذلك من الآيات.
نعم ربما اقتضت مصلحة التقرب من الظالمين لتبليغ الدين أو إسماعهم كلمة الحق