ويتولد منها، ولذلك أخذ لهذا الشأن طريقة سوية وسنة مقابلة لسنة الوثنية ورسم الاستعباد، وهو إلقاء السلام الذي هو بنحو أمن المسلم عليه من التعدي عليه، ودحض حريته الفطرية الانسانية الموهوبة له فان أول ما يحتاج إليه الاجتماع التعاوني بين الافراد هو أن يأمن بعضهم بعضا في نفسه وعرضه وماله، وكل أمر يؤل إلى أحد هذه الثلاثة.
وهذا هو السلام الذي سن الله تعالى إلقائه عند كل تلاق من متلاقيين قال تعالى:
(فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة) (النور - 61) وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون) (النور - 27) وقد أدب الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالتسليم للمؤمنين وهو سيدهم فقال: (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة) (الانعام - 54) وأمره بالتسليم لغيرهم في قوله: (فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون) (الزخرف - 89).
والتحية بإلقاء السلام كانت معمولا بها عند عرب الجاهلية على ما يشهد به المأثور عنهم من شعر ونحوه وفي لسان العرب: وكانت العرب في الجاهلية يحيون بأن يقول أحدهم لصاحبه: أنعم صباحا، وأبيت اللعن، ويقولون سلام عليكم فكأنه علامة المسالمة، وأنه لا حرب هنالك. ثم جاء الله بالاسلام فقصروا على السلام، وأمروا بإفشائه. (انتهى).
إلا أن الله سبحانه يحكيه في قصص إبراهيم عنه عليه السلام كثيرا: ولا يخلو ذلك من شهادة على أنه كان من بقايا دين إبراهيم الحنيف عند العرب كالحج ونحوه قال تعالى:
حكاية عنه فيما يحاور أباه: (قال سلام عليك سأستغفر لك ربى) (مريم - 47) وقال تعالى (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام) (هود - 69) والقصة واقعة في غير مورد من القرآن الكريم.
ولقد أخذه الله سبحانه تحية لنفسه، واستعمله في موارد من كلامه، قال تعالى:
(سلام على نوح في العالمين) (الصافات - 79) وقال: (سلام على إبراهيم) (الصافات:
109) وقال: (سلام على موسى وهارون) (الصافات - 120) وقال (سلام على آل ياسين) (الصافات - 130) وقال: (وسلام على المرسلين) (الصافات - 181.