الرسول وإلى أولي الأمر لاتبعتم الشيطان جميعا بالوقوع في الضلال إلا قليلا منكم من أهل الفطرة السليمة فإنهم لا يزيغون عن الحق والصلاح. وفيه أنه تخصيص الفضل والرحمة بحكم خاص من غير دليل يدل عليه، وهو بعيد من البيان القرآني، مع أن ظاهر الآية أنه امتنان في أمر ماض منقض.
وقيل: ان الآية على ظاهرها والمؤمنون غير المخلصين يحتاجون إلى فضل ورحمة زائدين وان كان المخلصون أيضا لا يستغنون عن العناية الإلهية وفيه أن الذي يوهمه الظاهر حينئذ مما يجب في بلاغة القرآن دفعه ولم يدفع في الآية. وقد قال تعالى: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا) (النور - 21) وقال مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم وهو خير الناس: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) (الاسراء - 75) وقيل: إن المراد بالفضل والرحمة القرآن والنبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: المراد بهما الفتح والظفر، فيستقيم الاستثناء لان الأكثرين إنما يثبتون على الحق بما يستطاب به قلوبهم من فتح وظفر وما أشبههما من العنايات الظاهرية الإلهية ولا يصبر على مر الحق إلا القليل من المؤمنين الذين هم على بصيرة من أمرهم. وقيل الاستثناء إنما هو من قوله: (أذاعوا به) وقيل: الاستثناء من قوله (الذين يستنبطونه) وقيل: إن الاستثناء إنما هو في اللفظ وهو دليل على الجمع والاحاطة فمعنى الآية:: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان جميعا، وهذا نظير قوله تعالى (سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله) (الاعلى - 7) فاستثناء المشية يفيد عموم الحكم بنفي النسيان، وجميع هذه الوجوه لا تخلو من تكلف ظاهر.
قوله تعالى: (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين) التكليف من الكلفة بمعنى المشقة لما فيه من تحميل المشقة على المكلف والتنكيل من النكال، وهو على ما في المجمع: ما يمتنع به من الفساد خوفا من مثله من العذاب فهو عقاب المتخلف لئلا يعود إلى مثله وليعتبر به غيره من المكلفين.
والفاء في قوله (فقاتل في سبيل الله،) للتفريع والامر بالقتال متفرع على المتحصل من مضامين الآيات السابقة. وهو تثاقل القوم في الخروج إلى العدو وتبطئتهم في ذلك ويدل عليه ما يتلوه من الجمل أعني قوله (لا تكلف إلا نفسك) (الخ) فإن المعنى: فإذا