التحية بما يزيد عليها أو يماثلها، وهو حكم عام لكل تحية حيى بها، غير أن مورد الآيات هو تحية السلم والصلح التي تلقى إلى المسلمين على ما يظهر من الآيات التالية قوله تعالى: (الله لا إله إلا هو ليجمعنكم) (الخ) معنى الآية ظاهر، وهى بمنزلة التعليل لما تشتمل عليه الآيتان السابقتان من المضمون كأنه قيل: خذوا بما كلفكم الله في أمر الشفاعة الحسنة والسيئة، ولا تبطلوا تحية من يحييكم بالاعراض والرد فإن أمامكم يوما يجمعكم الله فيه ويجازيكم على إجابة ما دعاكم إليه ورده.
قوله تعالى: (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم) (الآية) الفئة الطائفة والاركاس الرد.
والآية بما لها من المضمون كأنها متفرعة على ما تقدم من التوطئة والتمهيد أعني قوله (من يشفع شفاعة) (الآية)، والمعنى: فإذا كانت الشفاعة السيئة تعطى لصاحبها كفلا من مساءتها فما لكم أيها المؤمنون تفرقتم في أمر المنافقين فئتين وتحزبتهم حزبين: فئة ترى قتالهم، وفئة تشفع لهم وتحرض على ترك قتالهم، والاغماض عن شجرة الفساد التي تنمو بنمائهم، وتثمر برشدهم، والله ردهم إلى الضلال بعد خروجهم منه جزاء بما كسبوا من سيئات الأعمال، أتريدون بشفاعتكم أن تهدوا هؤلاء الذين أضلهم الله؟ ومن يضلل الله فما له من سبيل إلى الهدى.
وفي قوله (ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) التفات من خطاب المؤمنين إلى خطاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إشارة إلى أن من يشفع لهم من المؤمنين لا يتفهم حقيقة هذا الكلام حق التفهم، ولو فقهه لم يشفع في حقهم فأعرض عن مخاطبتهم به وألقى إلى من هو بين واضح عنده وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قوله تعالى: (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) (الخ) هو بمنزلة البيان لقوله (والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله) والمعنى: أنهم كفروا وزادوا عليه أنهم ودوا وأحبوا أن تكفروا مثلهم فتستووا.
ثم نهاهم عن ولايتهم إلا أن يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فليس عليكم فيهم إلا أخذهم وقتلهم حيث وجدتموهم، والاجتناب عن ولايتهم ونصرتهم، وفي قوله (فإن تولوا).
دلالة على أن على المؤمنين أن يكلفوهم بالمهاجرة فإن أجابوا فليوالوهم، وإن تولوا فيقتلوهم.