ابن أبي وأصحابه وحديث مشاورته يوم أحد معروف وكيف يمكن أن يأمر الله سبحانه بالرد إلى أمثاله.
على أن ممن لا كلام في كونه ذا هذا الشأن عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعده عبد الرحمن بن عوف وهذه الآيات المسرودة في ذم ضعفاء المؤمنين وتعييرهم على ما وقع منهم إنما ابتدأت به وبأصحابه أعني قوله (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا) (الآيات) فقد ورد في الصحيح أنها نزلت في عبد الرحمن بن عوف وأصحاب له رواه النسائي في صحيحه ورواه الحاكم في مستدركه وصححه ورواه الطبري وغيره في تفاسيرهم وقد مرت الرواية في البحث الروائي السابق. وإذا كان الامر على هذه الوتيرة فكيف يمكن أن يؤمر في الآية بارجاع الامر ورده إلى مثل هؤلاء.
فالمتعين هو الذي رجحناه في قوله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (الآية).
قوله تعالى: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) قد تقدم أن الاظهر كون الآيات مشيرة إلى قصة بدر الصغرى وبعث أبى سفيان نعيم بن مسعود الأشجعي إلى المدينة لبسط الخوف والوحشة بين الناس واخزائهم في الخروج إلى بدر فالمراد باتباع الشيطان التصديق بما جاء به من النبأ واتباعه في التخلف عن الخروج إلى بدر.
وبذلك يظهر استقامة معنى الاستثناء من غير حاجة إلى تكلف أو تمحل فإن نعيما كان يخبرهم أن أبا سفيان جمع الجموع وجهز الجيوش فاخشوهم ولا تلقوا بأنفسكم إلى حياض القتل الذريع وقد أثر ذلك في قلوب الناس فتعللوا عن الخروج إلى موعدهم ببدر، ولم يسلم من ذلك إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعض خاصته وهو المراد بقوله تعالى (إلا قليلا) فقد كان الناس تزلزلوا إلا القليل منهم ثم لحقوا بذلك القليل وساروا.
وهذا الذي استظهرناه من معنى الاستثناء هو الذي يؤيده ما مر ذكره من القرائن، على ما فيه من الاستقامة.
وللمفسرين في أمر هذا الاستثناء مذاهب شتى لا يخلو شئ منها من فساد أو تكلف، فقد قيل: ان المراد بالفضل والرحمة ما هداهم الله إليه من ايجاب طاعته وطاعة رسوله وأولي الأمر منهم، والمراد بالمستثنى هم المؤمنون أولوا الفطرة السليمة والقلوب الطاهرة ومعنى الآية: ولولا هذا الذي هداكم الله إليه من وجوب الطاعة، وإرجاع الامر إلى