كانوا يتثاقلون في أمر الجهاد ويكرهون القتال فقاتل أنت يا رسول الله بنفسك ولا يشق عليك تثاقلهم ومخالفتهم لأمر الله سبحانه فإن تكليف غيرك لا يتوجه إليك وإنما يتوجه إليك تكليف نفسك لا تكليفهم وإنما عليك في غيرك أن تحرضهم فقاتل وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا.
وقوله (لا تكلف ألا نفسك) أي لا تكلف أنت شيئا إلا عمل نفسك فالاستثناء بتقدير مضاف.
وقوله (عسى الله أن يكف) (الخ) قد تقدم أن (عسى) تدل على الرجاء أعم من أن يكون ذلك الرجاء قائما بنفس المتكلم أو المخاطب أو بمقام التخاطب فلا حاجة إلى ما ذكروه من أن (عسى) من الله حتم.
وفي الآية دلالة على زيادة تعيير من الله سبحانه للمتثاقلين من الناس حيث أدى تثاقلهم إلى أن أمر الله نبيه بالقيام بالقتال بنفسه، وأن يعرض عن المتثاقلين ولا يلح عليهم بالإجابة ويخليهم وشأنهم ولا يضيق بذلك صدره فليس عليه إلا تكليف نفسه وتحريض المؤمنين أطاع من أطاع، وعصى من عصى.
(بحث روائي) في الكافي بأسناده عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ان الله عير أقواما بالإذاعة في قوله عز وجل: وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به) فأياكم والإذاعة.
وفيه بإسناده عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله عز وجل: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وقال (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) فرد أمر الناس إلى أولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم والرد إليهم.
أقول: والرواية تؤيد ما قدمناه من أن المراد بأولي الامر في الآية الثانية هم المذكورون في الآية الأولى.
وفي تفسير العياشي عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم) قال: هم الأئمة.