(الآية) وقوله (ويقولون طاعة) (الآية) ثم يجرى على هذا المجرى قوله (وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به) (الآية).
قوله تعالى: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) لم يذكر ههنا الرد إلى الله كما ذكر في قوله (فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) (الآية) (النساء: 59) لان الرد المذكور هناك هو رد الحكم الشرعي المتنازع فيه، ولا صنع فيه لغير الله ورسوله.
وأما الرد المذكور هيهنا فهو رد الخبر الشائع بين الناس من أمن أو خوف، ولا معنى لرده إلى الله وكتابه، بل الصنع فيه للرسول ولأولي الامر منهم لو رد إليهم أمكنهم أن يستنبطوه ويذكروا للرادين صحته أو سقمه، وصدقه أو كذبه.
فالمراد بالعلم التمييز تمييز الحق من الباطل، والصدق من الكذب على حد قوله تعالى (ليعلم الله من يخافه بالغيب) (المائدة: 94) وقوله (وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين) (العنكبوت: 11.) والاستنباط استخراج القول من حال الابهام إلى مرحلة التمييز والمعرفة وأصله من النبط (محركة) وهو أول ما يخرج من ماء البئر، وعلى هذا يمكن أن يكون الاستنباط وصفا للرسول وأولي الأمر بمعنى أنهم يحققون الامر فيحصلون على الحق والصدق وأن يكون وصفا لهؤلاء الرادين لو ردوا فإنهم يعملون حق الامر وصدقه بإنباء الرسول وأولي الأمر لهم.
فيعود معنى الآية إن كان المراد بالذين يستنبطونه منهم الرسول وأولي الأمر كما هو الظاهر من الآية: لعلمه من أراد الاستنباط من الرسول وأولي الأمر أي إذا استصوبه المسؤولون ورأوه موافقا للصلاح، وإن كان المراد بهم الرادين: لعلمه الذين يستفسرونه ويبالغون في الحصول على أصل الخبر من هؤلاء الرادين.
وأما أولوا الامر في قوله: واولو الامر منهم (فالمراد بهم هو المراد بأولى الامر في قوله (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (النساء: 59) على ما تقدم من اختلاف المفسرين في تفسيره وقد تقدم أن أصول الأقوال في ذلك ترجع إلى خمسة، غير أن الذي استفدناه من المعنى أظهر في هذه الآية.
أما القول بأن أولي الأمر هم أمراء السرايا فإن هؤلاء لم يكن لهم شأن إلا الامارة على