والله على كل شئ قدير - 19.
(بيان) لما ذكر تعالى أخذه الميثاق من أهل الكتاب على نصرة رسله وتعزيرهم وعلى حفظ ما آتاهم من الكتاب ثم نقضهم ميثاقه تعالى الذي واثقهم به دعاهم إلى الايمان برسوله الذي أرسله، وكتابه الذي أنزله، بلسان تعريفهما لهم وإقامة البينة على صدق الرسالة وحقية الكتاب، وإتمام الحجة عليهم في ذلك:
أما التعريف فهو الذي يشتمل عليه قوله: " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا " (الخ)، وقوله: " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة " (الخ).
وأما إقامة البينة فما في قوله: " يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون " (الخ) فان ذلك نعم الشاهد على صدق الرسالة من أمي يخبر بما لا سبيل إليه إلا للاخصاء من علمائهم، وكذا قوله: " يهدى به الله من اتبع رضوانه " (الخ) فإن المطالب الحقة التي لا غبار على حقيتها هي نعم الشاهد على صدق الرسالة وحقية الكتاب.
وأما إتمام الحجة فما يتضمنه قوله: " أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير ".
وقد رد الله تعالى عليهم في ضمن الآيات قول البعض: " إن الله هو المسيح ابن مريم " وقول اليهود والنصارى. " نحن أبناء الله وأحباؤه ".
قوله تعالى: " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير " أما بيانه كثيرا كانوا يخفون من الكتاب فكبيانه آيات النبوة وبشاراتها كما يشير إليه قوله تعالى: " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل " الآية (الأعراف: 157: وقوله تعالى: " يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " الآية (البقرة: 146) وقوله: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم - إلى قوله - ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل " الآية