التسليم عليهم ليحصل به تمام الانس وتمتزج النفوس كما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك في قوله (فاصفح عنهم وقل سلام) (الزخرف - 89) وكما في قوله يصف المؤمنين (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) (الفرقان - 63).
وفي تفسير الصافي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن رجلا قال له: السلام عليك، فقال:
وعليك السلام ورحمة الله، وقال آخر: السلام عليك ورحمة الله، فقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وقال آخر: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال: وعليك، فقال الرجل: نقصتني فأين ما قال الله (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) (الآية) - فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنك لم تترك فضلا ورددت عليك مثله. أقول: وروى مثله في الدر المنثور عن أحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند حسن عن سلمان الفارسي.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال: مر أمير المؤمنين عليه السلام: بقوم فسلم عليهم فقالوا:
عليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام:
لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم، قالوا: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت.
أقول: وفيه إشارة إلى أن السنة في التسليم التام، وهو قول المسلم (السلام عليك ورحمة الله وبركاته) مأخوذة من حنيفية إبراهيم عليه السلام، وتأييد لما تقدم ان التحية بالسلام من الدين الحنيف.
وفيه عن الصادق عليه السلام: ان من تمام التحية للمقيم المصافحة، وتمام التسليم على المسافر المعانقة.
وفي الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام: إذا عطس أحدكم قولوا يرحمكم الله، وهو يقول: يغفر الله لكم ويرحمكم، قال الله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) (الآية).
وفي المناقب: جاءت جارية للحسن عليه السلام بطاق ريحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله، فقيل له في ذلك، فقال عليه السلام: أدبنا الله تعالى فقال: (إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) (الآية) وكان أحسن منها إعتاقها.