تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ١٦٦
يوفضون "، قال: " وما ذبح على النصب " وقد يقال في جمعه: أنصاب قال: والانصاب والأزلام " والنصب والنصب: التعب.
فالمراد من النهى عن أكل لحوم ما ذبح على النصب أن يستن بسنن الجاهلية في ذلك، فإنهم كانوا نصبوا حول الكعبة أحجارا يقدسونها ويذبحون عليها، وكان من سنن الوثنية.
قوله تعالى: " وإن تستقسموا بالأزلام " والأزلام هي القداح، والاستقسام بالقداح أن يؤخذ جزور - أو بهيمة أخرى - على سهام ثم يضرب بالقداح في تشخيص من له سهم ممن لا سهم له، وفي تشخيص نفس السهام المختلفة وهو الميسر، وقد مر شرحه عند قوله تعالى: " يسألونك عن الخمر والميسر الآية) (البقرة: 219) في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
قال الراغب: القسم إفراز النصيب يقال: قسمت كذا قسما وقسمة، وقسمة الميراث وقسمة الغنيمة تفريقهما على أربابهما، قال: " لكل باب منهم جزء مقسوم " " ونبئهم أن الماء قسمة بينهم " واستقسمته سألته أن يقسم، ثم قد يستعمل في معنى قسم قال:
" وأن تستقسموا بالأزلام "، وما ذكره من كون استقسم بمعنى قسم إنما هو بحسب الانطباق مصداقا، والمعنى بالحقيقة طلب القسمة بالأزلام التي هي آلات هذا الفعل، فاستعمال الآلة طلب لحصول الفعل المترتب عليها فيصدق الاستفعال. فالمراد بالاستقسام بالأزلام المنهى عنه على ظاهر السياق هو ضرب القداح على الجزور ونحوه للذهاب بما في لحمه من النصيب.
وأما ما ذكره بعضهم أن المراد بالاستقسام بالأزلام الضرب بالقداح لاستعلام الخير والشر في الافعال، وتمييز النافع منها من الضار كمن يريد سفرا أو ازدواجا أو شروعا في عمل أو غير ذلك فيضرب بالقداح لتشخيص ما فيه الخير منها مما لا خير فيه - قالوا:
وكان ذلك دائرا بين عرب الجاهلية، وذلك نوع من الطيرة، وسيأتى زيادة شرح له في البحث الروائي التالي - ففيه: أن سياق الآية يأبى عن حمل اللفظ على الاستقسام بهذا المعنى، وذلك أن الآية - وهى مقام عد محرمات الأطعمة، وقد أشير إليها قبلا في قوله: " إلا ما يتلى عليكم " - تعد من محرماتها عشرا، وهى الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وما ذبح على النصب، ثم تذكر الاستقسام بالأزلام الذي من معناه قسمة اللحم بالمقامرة، ومن معناه استعلام الخير والشر في الأمور فكيف يشك بعد ذلك السياق الواضح والقرائن المتوالية
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390