المالية وغيرها لأنها محمولة على المجرم. وذكر الراغب أن الأصل في معناها القطع. والشنآن العداوة والبغض. وقوله " أن صدوكم " أي منعوكم بدل أو عطف بيان من الشنآن ومحصل معنى الآية: ولا يحملنكم عداوة قوم وهو أن منعوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا عليهم بعد ما أظهركم الله عليهم.
قوله تعالى: " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان " المعنى واضح، وهذا أساس السنة الاسلامية، وقد فسر الله سبحانه البر في كلامه بالايمان والاحسان في العبادات والمعاملات، كما مر في قوله تعالى: " ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر الآية " (البقرة: 177) وقد تقدم الكلام فيه. والتقوى مراقبة أمر الله ونهيه، فيعود معنى التعاون على البر والتقوى إلى الاجتماع على الايمان والعمل الصالح على أساس تقوى الله، وهو الصلاح والتقوى الاجتماعيان، ويقابله التعاون على الاثم الذي هو العمل السيئ المستتبع للتأخر في أمور الحياة السعيدة، وعلى العدوان وهو التعدي على حقوق الناس الحقة بسلب الامن من نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم وقد مر شطر من الكلام في هذا المعنى في ذيل قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا الآية) آل عمران: 200) في الجزء الرابع من هذا الكتاب.
ثم أكد سبحانه نهيه عن الاجتماع على الاثم والعدوان بقوله: " واتقوا الله إن الله شديد العقاب " وهو في الحقيقة تأكيد على تأكيد.
قوله تعالى: " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به " هذه الأربعة مذكورة فيما نزل من القرآن قبل هذه السورة كسورتي الانعام والنحل وهما مكيتان، وسورة البقرة وهى أول سورة مفصلة نازلة بالمدينة قال تعالى: " قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم " (الانعام، 145) وقال تعالى: " إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم " (البقرة: 173).
والآيات جميعا - كما ترى - تحرم هذه الأربعة المذكورة في صدر هذه الآية وتماثل الآية أيضا في الاستثناء الواقع في ذيلها بقوله: " فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم