تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ١٠٠
وهو وإن كان حقا من وجه ولكنه إنما يصح في النسبة المستقيمة التي يعبر عنه بالفعل ونحوه فالله سبحانه لا يفعل إلا الجميل ولا يأمر بالسوء والفحشاء وأما النسبة غير المستقيمة وبالواسطة التي يعبر عنه بالاذن ونحوه فلا مانع عنها ولولا ذلك لم يستقم ربوبيته لكل شئ وخلقه لكل شئ وملكه لكل شئ وانتفاء الشريك عنه على الاطلاق والقرآن مشحون من هذه النسبة كقوله تعالى " يضل من يشاء " الرعد - 27 وقوله " أزاغ الله قلوبهم " الصف - 5 وقوله " الله يستهزء بهم ويمدهم في طغيانهم " البقرة - 15 وقوله " أمرنا مترفيها ففسقوا " الاسراء - 16 إلى غير ذلك من الآيات، ولم ينشأ خطأهم هذا إلا من جهة ما قصروا في البحث عن روابط الأشياء وآثارها وأفعالها فحسبوا كل واحد من هذه الأمور الموجودة أمرا مستقل الوجود منقطع الذات عما يحتف به من مجموعة الأشياء وقبيل المصنوعات وما يتقدم عليها وما يتأخر عنها.
ولزم ذلك أن يضعوا الحوادث التي هي نتائج تفاعل الأسباب والعلل على ما فطرها الله عليه في مسير السببية متقطعة متفرقة غير متصلة ولا مرتبطة فكانت كل حادثة حدثت عن أسبابها وكل فعل فعله فاعله منقطع الوجود عن غيره مملوكا لصاحبه ليس لغير سببه المتصل به فيه نصيب ولا في حدوثه حظ فأجرام تدور وبحر تسري وفلك تجري وأرض تقل ونبات ينبت وحيوان يدب وإنسان يعيش ويكدح لا التيام روحي معنوي يجمعها ولا وحدة جسمية من المادة وقوتها توحدها.
ثم تعقب ذلك أن يظنوا نظير هذا الانفصال والتلاشي بين عناوين الأعمال وصور الافعال من خير وشر وسعادة وشقاء وهدى وضلال وطاعة ومعصية وإحسان وإساءة وعدل وظلم وغير ذلك فكانت غير مرتبطة الوجود ولا متشابكة التحقق.
وقد ذهلوا عن أن هذا العالم بما يشتمل عليه من أعيان الموجودات وأنواع المخلوقات مرتبط الاجزاء متلائم الابعاض يتبدل جزء منه إلى جزء ويتحول بعضه إلى بعض فيوما إنسان ويوما نبات ويوما جماد ويوما جمع ويوما فرق وحياة البعض بعينها ممات الآخر وكون الجديد منه فساد للقديم بعينه.
وكذلك الحوادث الجارية مرتبطة ارتباط حلقات السلسلة أي وضع فرض لواحدة منها مؤثر في أوضاع ما يقارنها وما يتقدمها إلى أقدم العهود المفروضة للعالم
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362