تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ١٠١
الطبيعي كالسلسلة التي تنجر بجر الحلقة منها جميع الحلقات وهو السلسلة فأدنى تغير مفروض في ذرة من ذرات هذا العالم يوجب تغير الحال في الجميع وإن عزب عن علمنا وإدراكنا أو خفي عن إحساسنا فعدم العلم لا يستلزم عدم الوجود فهذا مما بينت في الأبحاث العلمية منذ القديم وأوضحته الأبحاث الطبيعية والرياضية اليوم أتم ايضاح ولقد كان القرآن ينبئنا بذلك أحسن الانباء قبل أن نأخذ في هذه الأبحاث من فلسفيها وطبيعيها ورياضيها بالنقل عن كتب الآخرين ثم بالاستقلال في البحث وذلك بما يذكر من اتصال التدبير في الآيات السماوية والأرضية وارتباط ما بينها ونفع بعضها في بعض واشتراك الجميع في إقامة غرض الخلقة ونفوذ القدر في جميعها والسلوك إلى المعاد وأن إلى ربك المنتهى. وكذلك أوصاف الافعال وعناوين الأعمال مرتبطة الأطراف كارتباط الأمور المتقابلة المتعاندة فلولا أحد المتعاندين لم يستقم أمر الآخر كما نشاهده من أمر الصنع والايجاد أن تكون شئ ما يحتاج إلى فساد آخر وسبق أمر يتوقف على لحوق آخر.
ولو لم يتحقق أحد الطرفين من أوصاف الأعمال لم يستقم أمر الآخر في آثاره المطلوبة منه في الاجتماع الانساني الطبيعي ولا في الاجتماع الإلهي الذي هو الدين الحق فإن الإطاعة مثلا حسنة لان المعصية سيئة والحسنة موجبة للثواب لان السيئة موجبة للعقاب والثواب لذيذ للعامل لان العقاب مؤلم له واللذة سعادة مرغوب فيها لان الألم شقاوة مهروب عنها والسعادة هي التي يتوجه وجوده بحسب الخلقة إليها والشقاوة هي التي يتوجه عنها ولولا هذه الحركة الوجودية لبطل الوجود.
فالإطاعة ثم الحسنة ثم الثواب ثم اللذة ثم السعادة هي بحيال المعصية فالعقاب فالألم فالشقاء وإنما يظهر كل منها بخفاء ما يقابله ويحيى بموته وكيف يمكن أن تقع دعوة إلى شئ من غير تحذير عما يخالفه؟ وكيف يمكن أن يكون خلافه ممكنا دون أن يكون واقعا بما يدعو إليه من الأغراض والميول؟
فقد تبين من ما ذكرناه أن الواجب في الحكمة أن يشتمل هذا العالم على الفساد كما يشتمل على الصلاح وعلى المعصية كما يشتمل على الطاعة على ما قدره الله في نظام صنعه وخلقه غير أن الكون والفساد في غير الأعمال وأوصافها ينسبان إلى الله سبحانه لان الخلق
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362