أنه يدركها فما معنى خضوعه لها؟ كالآيات المتشابهة التي يتشابه أمرها على العقل فيحسب أنه يعقلها وهو لا يعقل.
الثاني أن اشتماله على المتشابه إنما هو لبعث العقل على البحث والتنقير لئلا يموت بإهماله بإلقاء الواضحات التي لا يعمل فيها عامل الفكر فإن العقل أعز القوى الانسانية التي يجب تربيتها بتربية الانسان.
وفيه أن الله تعالى أمر الناس بإعمال العقل والفكر في الآيات الآفاقية والأنفسية إجمالا في موارد من كلامه وتفصيلا في موارد أخرى كخلق السماوات والأرض والجبال والشجر والدواب والانسان واختلاف ألسنته وألوانه وندب إلى التعقل والتفكر والسير في الأرض والنظر في أحوال الماضين وحرض على العقل والفكر ومدح العلم بأبلغ المدح وفي ذلك غنى عن البحث في أمور ليس إلا مزالق للاقدام ومصارع للأفهام.
الثالث أن الأنبياء بعثوا إلى الناس وفيهم العامة والخاصة والذكي والبليد والعالم والجاهل وكان من المعاني ما لا يمكن التعبير عنه بعبارة تكشف عن حقيقته وتشرح كنهه بحيث يفهمه الجميع على السواء فالحري في أمثال هذه المعاني أن تلقى بحيث يفهمه الخاصة ولو بطريق الكناية والتعريض ويؤمر العامة فيها بالتسليم وتفويض الامر إلى الله تعالى.
وفيه أن الكتاب كما يشتمل على المتشابهات كذلك يشتمل على المحكمات التي تبين المتشابهات بالرجوع إليها ولازم ذلك أن لا تتضمن المتشابهات أزيد مما يكشف عنها المحكمات وعند ذلك يبقى السؤال (وهو أنه ما فائدة وجود المتشابهات في الكتاب ولا حاجة إليها مع وجود المحكمات؟) على حاله ومنشأ الاشتباه أن المجيب أخذ المعاني نوعين متبائنين معان يفهمها جميع المخاطبين من العامة والخاصة وهي مداليل المحكمات ومعان سنخها بحيث لا يتلقاها الا الخاصة من المعارف العالية والحكم الدقيقة فصار بذلك المتشابهات لا ترجع معانيها إلى المحكمات وقد مر أن ذلك مخالف لمنطوق الآيات الدالة على أن القرآن يفسر بعضه بعضا وغير ذلك.
والذي ينبغي أن يقال أن وجود المتشابه في القرآن ضروري ناش عن وجود