الحاكمة في الجامعة البشرية.
نعم أصل هذه الكلمة وهو سلب الحقوق العامة عن بعض الافراد والجوامع مما لا مناص عنه في الجامعة الانسانية لكن الذي يعتبره المجتمع الانساني الصالح هو سلب الحقوق عمن يريد إبطال الحقوق وهدم المجتمع والذي يعتبره الاسلام في ثبوت الحق هو دين التوحيد من الاسلام أو الذمة فمن لا إسلام له ولا ذمة فلا حق له من الحياة وهو الذي ينطبق على الناموس الفطري الذي سمعت أنه المعتبر أجمالا عند المجتمع الانساني ولنرجع إلى ما كنا فيه من الكلام في الآية فقوله تعالى ومن أهل الكتاب كان الظاهر أن يقال ومنهم فهو من وضع الظاهر موضع الضمير والوجه فيه دفع أن يتوهم أن هؤلاء بعض من الطائفة المذكورة في الآيتين السابقتين التي قالت آمنوا بالذي انزل الخ ولذلك لما اندفع التوهم المذكور قيل في الآية الآتية وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب الآية.
وهناك وجه آخر وهو أن ذكر الوصف وهو كونهم من أهل الكتاب مشعر بنوع من التعليل وذلك أن صدور هذا القول والفعل منهم أعني قولهم ليس علينا في الأميين سبيل وأكلهم مال الناس بذلك لم يكن بذاك البعيد المستغرب لو كانوا أميين لاخبر عندهم من النبوة والوحي لكنهم أهل الكتاب وعندهم الكتاب فيه حكم الله وهم يعلمون أن الكتاب لا يحكم لهم بذلك ولا يبيح لهم مال غيرهم لأنه غيرهم فهذا الذي قالوه ثم فعلوه وهم أهل الكتاب منهم أغرب وأبعد والتوبيخ والتقبيح عليهم أوجه وألزم. والقنطار والدينار معروفان والمقابلة بينهما على ما فيها من المحسنات البديعية والمقام مقام يذكر فيه الأمانة تفيد أنه كنى بهما عن الكثير والقليل والمراد أن منهم من لا يخون الأمانة وإن كثرت وثقلت قيمتها ومنهم من يخونها وإن قلت وخفت.
وكذا الخطاب الموضوع في الكلام بقوله إن تأمنه بقنطار يؤده إليك غير متوجه إلى مخاطب معين بل هو للتكنية عن أي مخاطب يمكن أن يخاطب بهذا الكلام للاشعار بأن الحكم عام غير مقصور على واحد دون واحد والكلام في معنى قولنا