إن يأمنه مؤتمن أي مؤتمن كان بقنطار يؤده إليه.
وما في قوله إلا ما دمت عليه قائما مصدرية على ما قيل والتقدير إلا أن تدوم قائما عليه وذكر القيام عليه للدلالة على الالحاح والاستعجال فإن قيام المطالب على ساقه عند المطالبة من غير قعود دليل على ذلك وربما قيل إن ما ظرفية وليس بشئ.
وقوله ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ظاهر السياق أن ذلك إشارة إلى مجموع المضمون المأخوذ من سابق القول أي كون بعضهم يؤدي الأمانة وإن كانت خطيرة مهمة وبعضهم لا يؤديها وإن كانت حقيرة لا يعبأ بها إنما هو لقولهم ليس علينا في الأميين سبيل فأوجب ذلك اختلافا بينهم في الصفات الروحية كحفظ الأمانات والاتقاء عن تضييع حقوق الناس والاغترار بالكرامة مع أنهم يعلمون أن الله لم يسن لهم ذلك في الكتاب ولا رضي بمثل هذه الأفعال منهم.
ويمكن أن يكون ذلك إشارة إلى حال الطائفة الثانية المذكورة بقوله ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك ويكون ذكر الطائفة الأولى الأمينة لاستيفاء تمام الأقسام والتحفظ على النصفة ويجوز حينئذ أن تكون ضمائر الجمع في قوله ويقولون وفي قوله وهم يعلمون راجعة إلى أهل الكتاب أو راجعة إلى قوله من إن تأمنه بدينار بحسب المعنى وكذا يجوز على التقدير الثاني أن يكون المراد بضمير التكلم في قوله علينا جميع أهل الكتاب أو خصوص البعض ويختلف المعنى باختلاف المحتملات إلا أن الجميع صحيحة مستقيمة وعليك بالتدبر فيها.
قوله تعالى ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون إبطال لدعواهم أنه ليس علينا في الأميين سبيل ودليل على أنهم كانوا ينسبون ذلك إلى الوحي السماوي والتشريع الديني كما مر.
قوله تعالى بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين رد لكلامهم وإثبات لما نفوه بقولهم ليس علينا في الأميين سبيل وإيفاء العهد تتميمه بالتحفظ من العذر والنقص والتوفية البذل والاعطاء وافيا والاستيفاء الاخذ والتناول وافيا.
والمراد بالعهد ما أخذ الله الميثاق عليه من عباده أن يؤمنوا به ويعبدوه على ما يشعر به قوله في الآية التالية إن الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا أو مطلق