وفيه إشارة إلى أن التوحيد في العبادة من لوازم الاسلام.
قوله تعالى يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم إلى آخر الآية الظاهر أنه مقول القول الواقع في الآية السابقة وكذا ما يأتي بعد أربع آيات فيكون مقولا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان ظاهر سياق قوله بعد آيتين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا الآية أن يكون الخطاب من الله لا من رسوله بإذنه.
ومحاجتهم في إبراهيم عليه السلام بضم كل طائفة إياه إلى نفسها يشبه أن تكون أولا بالمحاجة لاظهار المحقية كأن تقول اليهود إن إبراهيم عليه السلام الذي أثنى الله عليه في كتابه منا فتقول النصارى إن إبراهيم كان على الحق وقد ظهر الحق بظهور عيسى معه ثم تتبدل إلى اللجاج والعصبية فتدعي اليهود أنه كان يهوديا وتدعي النصارى أنه كان نصرانيا ومن المعلوم أن اليهودية والنصرانية إنما نشأتا جميعا بعد نزول التوراة والإنجيل وقد نزلا جميعا بعد إبراهيم عليه السلام فكيف يمكن أن يكون عليه السلام يهوديا بمعنى المنتحل بالدين الذي يختص بموسى عليه السلام ولا نصرانيا بمعنى المتعبد بشريعة عيسى عليه السلام فلو قيل في إبراهيم شئ لوجب أن يقال إنه كان على الحق حنيفا من الباطل إلى الحق مسلما لله سبحانه وهذه الآيات في مساق قوله تعالى أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله: البقرة - 140 قوله تعالى ها أنتم حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم الآية الآية تثبت لهم علما في المحاجة التي وقعت بينهم وتنفي علما وتثبته لله تعالى ولذلك ذكر المفسرون أن المعنى أنكم حاججتم في إبراهيم عليه السلام ولكم به علم ما كالعلم بوجوده ونبوته فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم وهو كونه يهوديا أو نصرانيا والله يعلم وأنتم لا تعلمون أو أن المراد بالعلم علم ما بعيسى وخبره والمعنى أنكم تحاجون في عيسى ولكم بخبره علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم وهو كون إبراهيم يهوديا أو نصرانيا هذا ما ذكروه.
وأنت تعلم أن شيئا من الوجهين لا ينطبق على ظاهر سياق الآية أما الأول فلانه لم تقع لهم محاجة في وجود إبراهيم ونبوته وأما الثاني فلان المحاجة التي وقعت منهم في عيسى لم يكونوا فيها على الصواب بل كانوا مخطئين في خبره؟؟ كاذبين في