العهد الذي منه عهد الله تعالى.
وقوله فإن الله يحب المتقين من قبيل وضع الكبرى موضع الصغرى إيثارا للايجاز والتقدير فأن الله يحبه لأنه متق والله يحب المتقين والمراد أن كرامة الله لعباده المتقين حبه لهم لا ما زعمتموه من نفي السبيل.
فمفاد الكلام أن الكرامة الإلهية ليست بذاك المبتذل السهل التناول حتى ينالها كل من انتسب إليه انتسابا أو يحسبها كل محتال أو مختال كرامة جنسية أو قومية بل يشترط في نيلها الوفاء بعهد الله وميثاقه والتقوى في الدين فإذا تمت الشرائط حصلت الكرامة وهي المحبة والولاية الإلهية التي لا تعدو عباده المتقين وأثرها النصرة الإلهية والحياة السعيدة التي تعمر الدنيا وتصلح بال أهلها وترفع درجات الآخرة.
فهذه هي الكرامة الإلهية لا أن يحمل قوما على أكتاف عباده من صالح وطالح ويطلقهم ويخلي بينهم وبين ما يشاؤون وما يعملون فيقولوا يوما ليس علينا في الأميين سبيل ويوما نحن أولياء لله من دون الناس (1) ويوما نحن أبناء الله وأحبائه فيهديهم ذلك إلى إفساد الأرض وإهلاك الحرث والنسل.
قوله تعالى إن الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا تعليل للحكم المذكور في الآية السابقة والمعنى أن الكرامة الإلهية خاصة بمن أوفى بعهده واتقى لان غيرهم وهم الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا لا كرامة لهم.
ولما كان نقض عهد الله وترك التقوى إنما هو للتمتع بزخارف الدنيا وإيثار شهوات الأولى على الأخرى كان فيه وضع متاع الدنيا موضع إيفاء العهد والتقوى وتبديل العهد به ولذلك شبه عملهم ذلك بالمعاملة فجعل عهد الله مبيعا يشترى بالمتاع وسمى متاع الدنيا وهو قليل بالثمن القليل والاشتراء هو البيع فقيل يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا أي يبدلون العهد والايمان من متاع الدنيا.
قوله تعالى أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله إلى آخر الآية