تكون عبادة إله له شريك والعبادة التي يعبد بها أحد الشريكين وإن خص باسمه ووجه نحوه ليست إلا نابتة منبت التشريك لأنها لا تعدو أن تكون سهما يسهم له وحظا يقسم له من بين الشريكين أو الشركاء ففيها بعينها نحو عبادة للغير.
وهذا الذي يدعو إليه النبي بأمر الله سبحانه وهو الذي يدل عليه قوله: أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله هو الذي يجمع عرض النبوة في السيرة التي كانت الأنبياء تدعو إليها وتبسطها على المجتمع الانساني.
فقد تقدم عند الكلام على قوله تعالى كان الناس أمة واحدة: البقرة - 213 أن النبوة انبعاث إلهي ونهضة حقيقية يراد بها بسط كلمة الدين وأن حقيقة الدين تعديل المجتمع الانساني في سيره الحيوي ويتبعه تعديل حياة الانسان الفرد فينزل بذلك الكل منزلته التي نزله عليها الفطرة والخلقة فيعطي به المجتمع موهبة الحرية وسعادة التكامل الفطري على وجه العدل والقسط وكذلك الفرد فهو فيه حر مطلق في الانتفاع من جهات الحياة فيما يهديه إليه فكره وإرادته إلا ما يضر بحيوة المجتمع وقد قيد جميع ذلك بالعبودية والاسلام لله سبحانه والخضوع لسيطرة الغيب وسلطنته.
وخلاصة ذلك أن الذي كانت تندب إليه جماعة الأنبياء عليهم السلام أن يسير النوع الانساني فرادى ومجتمعين على ما تنطق به فطرتهم من كلمة التوحيد التي تقضي بوجوب تطبيق الأعمال الفردية والاجتماعية على الاسلام لله وبسط القسط والعدل أعني بسط التساوي في حقوق الحياة والحرية في الإرادة الصالحة والعمل الصالح.
ولا يتأتى ذلك إلا بقطع منابت الاختلاف والبغي بغير الحق واستخدام القوى واستعباده للضعيف وتحكمه عليه وتعبد الضعيف للقوي فلا إله إلا الله ولا رب الا الله ولا حكم إلا لله سبحانه.
وهذا هو الذي تدل عليه الآية أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله الآية وقال تعالى فيما يحكيه عن يوسف عليه السلام يا صاحبي السجن أ أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماءا سميتموها أنتم وآبائكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم: يوسف - 40 وقال تعالى اتخذوا أحبارهم