(بيان) شروع في المرحلة الثانية من البيان المتعرض لحال أهل الكتاب عامة والنصارى خاصة وما يلحق بذلك فقد كانت الآيات فيما مر تعرضت لحال أهل الكتاب عامة بقوله " إن الدين عند الله الاسلام " آل عمران - 19 وبقوله " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب " آل عمران - 23 ثم انعطف البيان إلى شأن النصارى خاصة بقوله " إن الله اصطفى آدم ونوحا إلخ " آل عمران - 33 وتعرضت في أثنائها لولاية المؤمنين للكافرين بقوله " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء " آل عمران - 28 فهذا في المرحلة البادئة.
ثم عادت إلى بيان ما ذكرته ثانيا بلسان آخر ونظم دون النظم السابق فتعرضت لحال أهل الكتاب عامة في هذه الآيات المنقولة آنفا وما سيلحق بذلك من متفرقات بحسب مساس خصوصيات البيانات بذلك كقوله " قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله إلخ " آل عمران - 98 وقوله " قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله إلخ " وتعرضت لحال النصارى وما تدعيه في أمر عيسى عليه السلام بقوله " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب إلخ " آل عمران - 79 وتعرضت لأمور ترجع إلى المؤمنين من دعوتهم إلى الاسلام والاتحاد والاتقاء من ولاية الكفار واتخاذ البطانة من دون المؤمنين في آيات كثيرة متفرقة.
قوله تعالى " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم الخطاب لعامة أهل الكتاب والدعوة في قوله: تعالوا إلى كلمة إلخ بالحقيقة إنما هي إلى الاجتماع على معنى الكلمة بالعمل به وإنما تنسب إلى الكلمة لتدل على كونها دائرة بألسنتهم كقولنا اتفقت كلمة القوم على كذا فيفيد معنى الاذعان والاعتراف والنشر والاشاعة فالمعنى تعالوا نأخذ بهذه الكلمة متعاونين متعاضدين في نشرها والعمل بما توجبه.
والسواء في الأصل مصدر ويستعمل وصفا بمعنى مساوي الطرفين وسواء بيننا وبينكم أي مساو من حيث الاخذ والعمل بما توجبه وعلي هذا فتوصيف الكلمة بالسواء توصيف بحال المتعلق وهو الاخذ والعمل وقد عرفت أن العمل إنما يتعلق