نعم لو دلت الآية على حصول العلم لاحد غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم لدل فيمن جئ به للمباهلة على ما استفدناه من قوله تعالى: على الكاذبين فيما تقدم.
بل القرآن يدل على عدم عموم العلم واليقين لجميع المؤمنين حيث يقول تعالى:
" وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون " يوسف - 106 فوصفهم بالشرك وكيف يجتمع الشرك مع اليقين ويقول تعالى " وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا " الأحزاب - 12 ويقول تعالى " ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت، فأولى لهم طاعة وقول معروف فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم - إلى أن قال -: أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم " محمد - 23 فاليقين لا يتحقق به إلا بعض اولي البصيرة من متبعي النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى " فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن " آل عمران - 20 وقال تعالى " قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " يوسف - 108.
ومنها قوله وفي قوله ندع أبنائنا وأبنائكم الخ وجهان أحدهما أن كل فريق يدعو الآخر الخ قد عرفت فساد وجهه الأول وعدم انطباقه على لفظ الآية إذ قد عرفت أن الغرض كان مستوفى حاصلا لو قيل تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين وإنما زيد عليه قوله ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ليدل على لزوم إحضار كل من الفريقين عند المباهلة أعز الأشياء عنده وأحبها إليه وهو الأبناء والنساء والأنفس (الاهل والخاصة) وهذا إنما يتم لو كان معنى الآية ندعو نحن أبناءنا ونساءنا وأنفسنا وتدعون أنتم أبناءكم ونساءكم وأنفسكم ثم نبتهل وأما لو كان المعنى ندعو نحن أبنائكم ونسائكم وأنفسكم وتدعون أنتم أبناءنا ونساءنا وأنفسنا ثم نبتهل بطل الغرض المذكور.
على أن هذا المعنى في نفسه مما لا يرتضيه الطبع السليم فما معنى تسليط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم النصارى على أبنائه ونسائه وسؤاله أن يسلطوه على ذراريهم ونسائهم ليتداعوا فيتم الحضور والمباهلة مع تأتي ذلك بدعوة كل فريق أهل نفسه لها.
على أن هذا المعنى يحتاج في فهمه من الآية إلى فهم معنى التسليط وما يشابهه كما