أقول والرواية تؤيد أن يكون الضمير في قوله تعالى فمن حاجك فيه راجعا إلى الحق في قوله: الحق من ربك فيتم بذلك حكم المباهلة لغير خصوص عيسى بن مريم عليه السلام وتكون حينئذ هذه قصة أخرى واقعة بعد قصة دعوة وفد نجران إلى المباهلة على ما تقصه الأخبار الكثيرة المتظافرة المنقولة أكثرها فيما تقدم.
وقال ابن طاوس في كتاب سعد السعود رأيت في كتاب تفسير ما نزل من القرآن في النبي وأهل بيته تأليف محمد بن العباس بن مروان أنه روى خبر المباهلة من أحد وخمسين طريقا عمن سماه من الصحابة وغيرهم وعد منهم الحسن بن علي عليهما السلام وعثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص وبكر بن سمال وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عباس وأبا رافع مولى النبي وجابر بن عبد الله والبراء بن عازب وأنس بن مالك.
وروى ذلك في المناقب عن عدة من الرواة والمفسرين وكذا السيوطي في الدر المنثور.
ومن عجيب الكلام ما ذكره بعض المفسرين حيث قال إن الروايات متفقة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اختار للمباهلة عليا وفاطمة وولديهما ويحملون كلمة نسائنا على فاطمة وكلمة أنفسنا على علي فقط ومصادر هذه الروايات الشيعة ومقصدهم منها معروف وقد اجتهدوا في ترويجها ما استطاعوا حتى راجت على كثير من أهل السنة ولكن واضعيها لم يحسنوا تطبيقها على الآية فإن كلمة نسائنا لا يقولها العربي ويريد بها بنته لا سيما إذا كان له أزواج ولا يفهم هذا من لغتهم وأبعد من ذلك أن يراد بأنفسنا علي ثم إن وفد نجران الذين قالوا: إن الآية نزلت فيهم لم يكن معهم نسائهم وأولادهم وكل ما يفهم من الآية أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعوا المحاجين والمجادلين في عيسى من أهل الكتاب إلى الاجتماع رجالا ونساءا وأطفالا ويجمع هو المؤمنين رجالا ونساءا وأطفالا ويبتهلون إلى الله تعالى بأن يلعن الكاذب فيما يقول عن عيسى.
وهذا الطلب يدل على قوة يقين صاحبه وثقته بما يقول كما يدل امتناع من دعوا إلى ذلك من أهل الكتاب سواء كانوا نصارى نجران أو غيرهم على امترائهم في حجاجهم ومماراتهم فيما يقولون وزلزالهم فيما يعتقدون وكونهم على غير بينة ولا يقين وأنى لمن يؤمن بالله أن يرضى بأن يجتمع هذا الجمع من الناس المحقين والمبطلين في