يدل عليه ما حكاه الله سبحانه من مخاطبات الرسل لأممهم كنوح وهود وصالح وشعيب وغيرهم عليهم السلام.
وإذا كان كذلك لم يستلزم الرسالة إلى قوم خاص البعثة إليهم وكان من الممكن أن يكون الرسول إلى قوم خاص نبيا مبعوثا إليهم وإلى غيرهم كموسى وعيسى عليهم السلام.
وعلى ذلك شواهد من القرآن الكريم كرسالة موسى إلى فرعون قال تعالى " اذهب إلى فرعون إنه طغى " طه - 24 وإيمان السحرة لموسى وظهور قبول إيمانهم ولم يكونوا من بني إسرائيل قال تعالى " قالوا آمنا برب هارون وموسى " طه - 70 ودعوة قوم فرعون قال تعالى " ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم " الدخان - 17 ونظير ذلك ما كان من أمر إيمان الناس بعيسى فلقد آمن به عليه السلام قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الروم وأمم عظيمة من الغربيين كالإفرنج والنمسا والبروس وإنجلترا وأمم من الشرقيين كنجران وهم جميعهم ليسوا من بني إسرائيل والقرآن لم يخص فيما يذكر فيه النصارى - نصارى بني إسرائيل خاصة بالذكر بل يعمم مدحه أو ذمه الجميع.
قوله تعالى أني قد جئتكم بآية من ربكم اني أخلق لكم من الطين إلى قوله وأحيي الموتى بإذن الله الخلق جمع أجزاء الشئ وفيه نسبة الخلق إلى غيره تعالى كما يشعر به أيضا قوله تعالى " فتبارك الله أحسن الخالقين " المؤمنون - 14.
والأكمه هو الذي يولد مطموس العين وقد يقال لمن تذهب عينه قال كمهت عيناه حتى ابيضتا قاله الراغب والأبرص من كان به برص وهو مرض جلدي معروف.
وفي قوله وأحيي الموتى حيث علق الاحياء بالموتى وهو جمع دلالة ولا أقل من الاشعار بالكثرة والتعدد.
وكذا قوله بإذن الله سيق للدلالة على أن صدور هذه الآيات المعجزة منه عليه السلام مستند إلى الله تعالى من غير أن يستقل عيسى عليه السلام بشئ من ذلك وإنما كرر تكرارا يشعر بالاصرار لما كان من المترقب أن يضل فيه الناس فيعتقدوا بألوهيته