فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون (55) - فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين (56).
وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين (57) - ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم (58).
إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون (59) - الحق من ربك فلا تكن من الممترين (60)) (بيان) قوله تعالى: وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك الجملة معطوفة على قوله إذ قالت امرأة عمران فتكون شرحا مثله لاصطفاء آل عمران المشتمل عليه قوله تعالى إن الله اصطفى الآية.
وفي الآية دليل على كون مريم محدثة تكلمها الملائكة وهي تسمع كلامهم كما يدل عليه أيضا قوله في سورة مريم فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا إلى آخر الآيات وسيأتي الكلام في المحدث.
وقد تقدم في قوله تعالى فتقبلها ربها بقبول حسن الآية أن ذلك بيان لاستجابة دعوة أم مريم وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم الآية وأن قول الملائكة لمريم إن الله اصطفاك وطهرك إخبار لها بما لها عند الله سبحانه من الكرامة والمنزلة فارجع إلى هناك.
فاصطفائها تقبلها لعبادة الله وتطهيرها اعتصامها بعصمة الله فهي مصطفاة معصومة وربما قيل إن المراد من تطهيرها جعلها بتولا لا تحيض فيتهيأ لها بذلك أن لا تضطر إلى الخروج من الكنيسة ولا بأس به غير أن الذي ذكرناه هو الأوفق بسياق الآيات.