تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ٢١٠
صدرهم وسلفهم من الايمان بعيسى عليه السلام واتباعه وقد كان إيمانا مرضيا واتباعا حقا وإن كان الله سبحانه لم يرتض اتباعهم له عليه السلام بعد ظهور الاسلام ولا اتباع أهل التثليث منهم قبل ظهور الدعوة الاسلامية.
فالمراد جعل النصارى وهم الذين اتبع أسلافهم عيسى عليه السلام فوق اليهود وهم الذين كفروا بعيسى عليه السلام ومكروا به والغرض في المقام بيان نزول السخط الإلهي على اليهود وحلول المكر بهم وتشديد العذاب على أمتهم ولا ينافي ما ذكرناه كون المراد بالاتباع هو الاتباع على الحق كما استظهرناه في أول الكلام كما لا يخفى.
ويؤيد هذا المعنى تغيير الأسلوب في الآية الآتية أعني قوله وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات إذ لو كان المراد بالذين اتبعوا هم أهل الحق والنجاة من النصارى والمسلمين فقط كان الأنسب أن يقال وأما الذين اتبعوك فيوفيهم أجورهم من غير تغيير للسياق كما لا يخفى.
وهيهنا وجه آخر وهو أن يكون المراد بالذين اتبعوا هم النصارى والمسلمون قاطبة وتكون الآية مخبرة عن كون اليهود تحت إذلال من يذعن لزوم اتباع عيسى إلى يوم القيامة والتقريب عين التقريب وهذا أحسن الوجوه في توجيه الآية عند التدبر.
قوله تعالى ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون وقد جمع سبحانه في هذا الخطاب بين عيسى وبين الذين اتبعوه والذين كفروا به وهذا مآل أمرهم يوم القيامة وبذلك يختتم أمر عيسى وخبره من حين البشارة به إلى آخر أمره ونبأه.
قوله تعالى فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة ظاهره أنه متفرع على قوله فأحكم بينكم تفرع التفصيل على الاجمال فيكون بيانا للحكم الإلهي في يوم القيامة بالعذاب لليهود الذين كفروا وتوفية الاجر للمؤمنين.
لكن اشتمال التفريع على قوله في الدنيا يدل على كونه متفرعا على مجموع قوله وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا ثم إلى مرجعكم الخ فيدل على أن نتيجة هذا الجعل والرجوع تشديد العذاب عليهم في الدنيا بيد الذين فوقهم الله تعالى عليهم وفي الآخرة بالنار وما لهم في ذلك من ناصرين
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362