(بحث روائي) في المجمع: في قوله تعالى: قل للذين كفروا ستغلبون الآية روى محمد بن إسحاق عن رجاله قال: لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قريشا ببدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق قينقاع فقال يا معشر اليهود - احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر - وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم - وقد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم - فقالوا يا محمد لا يغرنك أنك لقيت قوما أغمارا - لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة إنا والله لو قاتلناك لعرفت أنا نحن الناس فأنزل الله هذه الآية.
أقول ورواه في الدر المنثور عن ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس وروى ما يقرب منه القمي في تفسيره وقد عرفت مما تقدم أن سياق الآيات لا يلائم نزولها في حق اليهود كل الملائمة وأن الأنسب بسياقها أن تكون نازلة بعد غزوة أحد والله أعلم.
وفي الكافي وتفسير العياشي عن الصادق عليه السلام: ما تلذذ الناس في الدنيا والآخرة - بلذة أكبر لهم من لذة النساء وهو قوله - زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين - الآية ثم قال وإن أهل الجنة ما يتلذذون بشئ من الجنة - أشهى عندهم من النكاح لا طعام ولا شراب.
أقول وقد استفيد ذلك من الترتيب المجعول في الآية للشهوات ثم تقديم النساء على باقي المشتهيات ثم جعل هذه الشهوات متاع الدنيا وشهوات الجنة خيرا منها.
ومراده عليه السلام من الحصر في كون النكاح أكبر لذائذ الناس إنما هو الحصر الاضافي أي أن النكاح أكبر لذة بالنسبة إلى هذه الشهوات المتعلقة بجسم الانسان وأما غيرها كالتذاذ الانسان بوجود نفسه أو التذاذ ولي من أولياء الله تعالى بقرب ربه ومشاهدة آياته الكبرى ولطائف رضوانه وإكرامه وغيرهما فذلك خارج عن مورد كلامه عليه السلام وقد قامت البراهين العلمية على أن أعظم اللذائذ التذاذ الشئ بنعمة وجوده واخرى على أن التذاذ الأشياء بوجود ربها أعظم من التذاذها بنفسها وهناك روايات كثيرة دالة على أن التذاذ العبد بلذة الحضور والقرب منه تعالى أكبر عنده من كل لذة