لجزائه الحسن أو لحكمه كقوله تعالى رضي الله عنهم ورضوا عنه: البينة - 8 وقوله تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية: الفجر - 28 وقوله تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات الآية: البراءة - 100.
وذكر الرضوان هيهنا أعني في عداد ما هو خير للناس من مشتهيات الحياة الدنيا يدل على أنه نفسه من مشتهيات الانسان أو يستلزم أمرا هو كذلك ولذلك عنى بذكره في مقابل الجنات والأزواج في هذه الآية وكذا في مقابل الفضل والمغفرة والرحمة في قوله فضلا من ربهم ورضوانا: المائدة - 2 وقوله ومغفرة من الله ورضوان:
الحديد - 29 وقوله برحمة منه ورضوان: البراءة - 21 ولعل الذي يكشف عن هذا الذي أبهمته هذه الآية هو التدبر في المعنى الذي ذكرناه وفي قوله تعالى رضي الله عنهم الآية وقوله راضية مرضية الآية حيث علق رضاه بأنفسهم والرضا عن أنفسهم غير الرضا عن أفعالهم فيعود المعنى إلى أنه لا يمنعهم عن نفسه فيما يسألونه فيؤل إلى معنى قوله لهم ما يشاؤون فيها: ق - 35 ففي رضوان الله عن الانسان المشية المطلقة للانسان.
ومن هنا يظهر أن الرضوان في هذه الآية قوبل به من الشهوات المذكورة في الآية السابقة أن الانسان يحسب أنه لو اقتناها وخاصة القناطير المقنطرة من بينها إفادته إطلاق المشية وأعطته سعة القدرة فله ما يشاء وعنده ما يريد وقد اشتبه عليه الامر فإنما يتم ذلك برضا الله الذي إليه أمر كل شئ.
قوله تعالى والله بصير بالعباد لما تحصل من هذه الآية والتي قبلها أن الله أعد للانسان في كلتا الدارين الدنيا والآخرة نعما يتنعم بها ومآرب أخرى مما تلتذ به نفسه كالازواج وما يؤكل ويشرب والملك ونحوها وهي متشابهة في الدارين غير أن ما في الدنيا مشترك بين الكافر والمؤمن مبذول لهما معا وما في الآخرة مختص بالمؤمن لا يشاركه فيها الكفار كان المقام مظنة سؤال الفرق في ذلك وبلفظ آخر سؤال وجه المصلحة في اختصاص المؤمن بنعم الآخرة أجاب عنه بقوله والله بصير بالعباد ومعناه أن هذا الفرق الذي فرق الله به بين المؤمن والكافر ليس مبنيا على العبث والجزاف