التضاد والتنافي والتفاضل بينها بالدرجات ويجمع الجميع أنها تسليم وإطاعة لله سبحانه فيما يريده من عباده على لسان رسله.
فهذا هو الدين الذي أراده الله من عباده وبينه لهم ولازمه أن يأخذ الانسان بما تبين له من معارفه حق التبين ويقف عند الشبهات وقوف التسليم من غير تصرف فيها من عند نفسه وأما اختلاف أهل الكتاب من اليهود والنصارى في الدين مع نزول الكتاب الإلهي عليهم وبيانه تعالى لما هو عنده دين وهو الاسلام له فلم يكن عن جهل منهم بحقيقة الامر وكون الدين واحدا بل كانوا عالمين بذلك وانما حملهم على ذلك بغيهم وظلمهم من غير عذر وذلك كفر منهم بآيات الله المبينة لهم حق الامر وحقيقته لا بالله فإنهم يعترفون به ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب يحاسبه سريعا في دنياه وآخرته أما في الدنيا فبالخزي وسلب سعادة الحياة عنه وأما في الآخرة فبأليم عذاب النار.
والدليل على عموم سرعة الحساب للدنيا والآخرة قوله تعالى بعد آيتين أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ومما تقدم يظهر أولا أن المراد بكون الدين عند الله وحضوره لديه سبحانه هو الحضور التشريعي بمعنى كونه شرعا واحدا لا يختلف إلا بالدرجات وبحسب استعدادات الأمم المختلفة دون كونه واحدا بحسب التكوين بمعنى كونه واحدا مودعا في الفطرة الانسانية على وتيرة واحدة.
وثانيا أن المراد بالآيات هو آيات الوحي والبيانات الإلهية التي ألقاها إلى أنبيائه دون الآيات التكوينية الدالة على الوحدانية وما يزاملها من المعارف الإلهية.
والآية تشتمل على تهديد أهل الكتاب بما يستدل عليه بالبغي وهو الانتقام كما يشتمل قوله تعالى في الآيات السابقة قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم الآية على تهديد المشركين والكفار ولعل هذا هو السبب في أنه جمع أهل الكتاب والمشركين معا في الآية التالية في الخطاب بقوله قل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم إلخ وفيه إشعار بالتهديد أيضا.
قوله تعالى فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن الضمير في حاجوك