* (لله الامر من قبل ومن بعد) * قال: (له الامر من قبل أن يأمر به، وله الامر من بعد أن يأمر به، يقضي بما يشاء) (1). * (ويومئذ يفرح المؤمنون) *.
* (بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) *.
قال: (إن لها تأويلا لا يعلمه إلا الراسخون في العلم من آل محمد صلى الله عليه وآله. إن رسول الله لما هاجر إلى المدينة وأظهر الاسلام، كتب إلى ملك الروم كتابا وبعث به مع رسول يدعوه إلى الاسلام، وكتب إلى ملك فارس كتابا يدعوه إلى الاسلام وبعثه إليه مع رسوله. فأما ملك الروم فعظم كتاب رسول الله وأكرم رسوله، وأما ملك فارس فإنه استخف بكتاب رسول الله ومزقه واستخف برسوله. وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم، وكان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك فارس، وكانوا لناحيته أرجى منهم لملك فارس، فلما غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون واغتموا به، فأنزل الله عز وجل بذلك كتابا، ثم فسر الآية كما ذكر أولا. قال: فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها، فرح المسلمون بنصر الله عز وجل. قيل: أليس الله يقول (في بضع سنين) وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وفي إمارة أبي بكر، وإنما غلب المسلمون فارس في إمارة عمر، فقال: ألم أقل لك: إن لهذا تأويلا وتفسيرا والقرآن ناسخ ومنسوخ، أما تسمع لقول الله: (لله الامر من قبل ومن بعد) يعني إليه المشية في القول، أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر في القول إلى يوم تحتم (2) القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، وذلك قوله عز وجل:
(ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) أي: يوم تحتم القضاء بالنصر) (3).
وفي رواية: (إن بني أمية ليسوا من قريش وإن أصلهم من الروم، وفيهم تأويل هذه الآية، يعني إنهم غلبوا على الملك وسيغلبهم على ذلك بنو العباس) (4).