التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٥٩٥
ثم قرأ هذه الآية " 1. * (إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) *: يستعملون عقولهم بالتفكر فيهتدون إلى عظمة الصانع، وعلمه وحكمته البالغة، وقدرته النافذة، وتدبيره الكامل، ولطفه الشامل، وحسن تربيته صنايعه 2 شيئا فشيئا إلى بلوغها منتهى كمالاتها اللائقة بها.
* (وإن تعجب) * يا محمد من قولهم في إنكار البعث * (فعجب قولهم) *: فحقيق بأن يتعجب منه، فإن من قدر على إنشاء ما قص عليك كانت الإعادة أهون عليه * (أإذا كنا تربا أإنا لفى خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم) *:
مقيدون بالضلال، لا يرجى خلاصهم لاصرارهم * (وأولئك أصحب النار هم فيها خالدون) *.
* (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة) *: بالعقوبة قبل العافية، وذلك أنهم استعجلوا بالعذاب استهزاء * (وقد خلت) *: مضت * (من قبلهم المثلات) *: عقوبات أمثالهم من المكذبين، فما بالهم 3 لم يعتبروا بها! * (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) * أي: مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب 4 * (وإن ربك لشديد العقاب) *. قيل:
لما نزلت هذه الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش، و لولا وعيد الله وعقابه لإتكل كل أحد " 5.
وورد حين تذاكر والكبائر وقول المعتزلة فيها: إنها لا تغفر: " قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة، قال الله جل وجلاله: " وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم " " 6.

1 - مجمع البيان 5 - 6: 276.
2 - في " ب ": " وصنايعه ".
3 - في " ألف ": " فمالهم لم يعتبروا بها ".
4 - في " ألف ": " أي أنفسهم بالذنوب ".
5 - مجمع البيان 5 - 6: 278.
6 - التوحيد: 406، الباب: 63، الحديث: 4، عن أبي الحسن الثاني، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(٥٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 590 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 ... » »»
الفهرست