التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٥٢٤
لا يبعث إلينا نبيا من الملائكة، لنفرق بينه وبين غيره في الاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق؟ فأوحى الله إلى نبيه: " فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك " بمحضر من الجهلة، هل بعث الله رسولا قبلك إلا وهو يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟ ولك بهم أسوة، وإنما قال: " فإن كنت في شك " ولم يكن، ولكن ليتبعهم، كما قال: " فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " 1 ولو قال: تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم، لم يكونوا يجيبون للمباهلة، فقد عرف أن نبيه عليه السلام مؤد عنه رسالته وما هو من الكاذبين وكذلك عرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صادق فيما يقول، ولكن أحب أن ينصف من نفسه " 2.
وورد: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا أشك ولا أسأل " 3.
وفي رواية " لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء، وأوحى الله إليه في علي عليه السلام ما أوحى، من شرفه ومن عظمته عند الله، ورد إلى البيت المعمور وجمع له النبيين وصلوا خلفه، عرض في نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عظم ما أوحى إليه في علي عليه السلام، فأنزل الله: " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك " يعني الأنبياء. فقد أنزلنا إليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك " لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين ". قال: فوالله ما شك وما سأل " 4.

1 - آل عمران (3): 61.
2 - العياشي 2: 128، الحديث: 42، وعلل الشرايع 1: 129، الباب: 107، الحديث: 1، عن أبي الحسن الهادي عليه السلام.
3 - علل الشرايع 1: 130، الباب 107، الحديث: 2، مرفوعا عن أحدهما عليهما السلام.
4 - القمي 1: 316، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(٥٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»
الفهرست