التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٤٤٧
بالاسلام بقدرته البالغة، فإنه مالك القلوب يقلبها كيف يشاء (إنه عزيز حكيم).
(يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين).
(يا أيها النبي حرض المؤمنين): بالغ في حثهم (على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون) يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون). وعدهم بأنهم إن صبروا غلبوا عشرة أمثالهم بتأييد الله، بسبب أن الكفار جهلة بالله واليوم الآخر، يقاتلون على غير احتساب ثواب، ولا يثبتون ثبات المؤمنين الراجين لعوالي الدرجات.
الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين). هذه الآية ناسخة لما قبلها. قال: " نسخ الرجلان العشرة " (1). وورد: " من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر من الزحف، ومن فر من ثلاثة رجال في القتال من الزحف فلم يفر " (2).
قيل: كان فيهم قلة أولا، فأمروا بذلك، ثم لما كثروا خفف عنهم (3).
(ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض): يكثر القتل ويبالغ فيه، حتى يذل الكفر ويقل حزبه ويعز الاسلام ويستولي أهله، من أثخنه المرض: إذا أثقله. (تريدون عرض الدنيا): حطامها بأخذ الفداء (والله يريد الآخرة): يريد لكم ثواب الآخرة (والله عزيز) يغلب أولياءه على أعدائه (حكيم) يعلم ما يليق بحال كل منهما.
القمي: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قتل جماعة من أسرى رؤساء قريش ببدر خافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلهم، فقاموا إليه وقالوا: يا رسول الله قد قتلنا سبعين وأسرنا سبعين، وهم قومك وأساراك هبهم لنا يا رسول الله، وخذ منهم الفداء وأطلقهم، فأنزل الله

(١) الكافي ٥: ٦٩، ذيل الحديث الطول: 1 عن أبي عبد الله عليه السلام.
(2) العياشي 2: 68، الحديث: 78، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(3) البيضاوي 3: 56.
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست