التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٤٤٢
مع الصابرين).
(ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم) يعني أهل مكة حين خرجوا منها لحماية العير (بطرا): فخرا وأشرا (ورئاء الناس) ليثنوا عليهم بالشجاعة والسماحة، وذلك أنهم لما بلغوا جحفة (1) وافاهم رسول أبي سفيان أن ارجعوا فقد سلمت عيركم، فأبى أبو جهل وقال: حتى نقدم بدرا. نشرب بها الخمور وتعزف (2) علينا القيان (3) ونطعم بها من حضرنا من العرب. فذلك بطرهم ورئاؤهم، فوافوها فسقوا كأس الحمام (4) مكان الخمر وناحت النوائح مكان القيان، فنهى الله المؤمنين أن يكونوا أمثالهم بطرين مرائين. (ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط).
وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم): مجيركم (فلما تراءت الفئتان): تلاقتا (نكص على عقبيه): رجع القهقرى وبطل كيده، وعاد ما خيل إليهم أنه مجيرهم سبب هلاكهم (وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون) يعني جنود الملائكة (إني خاف الله) أن يصيبني مكروها (والله شديد العقاب).
القمي: جاء إبليس عليه اللعنة إلى قريش في صورة سراقة بن مالك فقال لهم: أنا جار لكم ادفعوا إلى أرايتكم، فدفعوها إليه، وجاء بشياطينه يهول (5) بهم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويخيل إليهم ويفزعهم، وأقبلت قريش يقدمها إبليس معه الراية، فنظر

(١) الجحفة ميقات ميقات أهل الشام، كانت قرية جامعة على اثنين وثمانين ميلا من مكة وكانت تسمى مهيعة.
القاموس المحيط ٣: ١٢٥ (جحف).
(٢) العزف: اللعب بالمعازف وهي الدفوف وغيرها مما يضرب بها. مجمع البحرين ٥: ٩٩ (عزف).
(٣) القيان جمع القينة: الإماء المغنيات. مجمع البحرين ٦: ٣٠١ (قين).
(٤) الحمام - ككتاب -: قضاء الموت وقدره. القاموس المحيط ٤: ١٠١ (حم).
(5) هول على الرجل: حمل عليه. أقرب الموارد 2: 141 (هول).
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 ... » »»
الفهرست