" وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاصر يهود بني قريظة إحدى وعشرين ليلة فسألوه الصلح على ما صالح عليه بني النضير أن يسيروا إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام، فأبي إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فقالوا: أرسل إلينا أبا لبابة وكان مناصحا لهم، لان عياله وماله وولده كانت عندهم، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: ما ترى يا أبا لبالة! أننزل على حكم سعد؟ فأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح فلا تفعلوا، فأتاه جبرئيل فأخبره بذلك.
قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني خنت الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت، فشد رأسه على سارية (1) من سواري المسجد وقال: والله لا أذوق طعاما و لا شرابا حتى أموت أو يتوب الله علي. فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه فقال: لا ولله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي يحلني، فجاءه فحله بيده، فقال: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يجزيك الثلث أن تصدق به " (2).
القمي: ونزلت مع الآية التي في سورة التوبة: " وآخرون اعترفوا بذنوبهم " (3) التي نزلت في أبي لبابة (4). (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة) لالهائهم إياكم عن ذكر الله (وأن الله عنده أجر عظيم) لمن آثر رضا الله عليهم.
(يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا): هداية في قلوبكم تفرقون بها بين الحق والباطل (ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم).