التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٤٢٩
منهزم، وهو من مكائد الحرب (أو متحيزا إلى فئة): أو منحازا إلى فئة أخرى من المسلمين ليستعين بهم من غير هزيمة (فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير). " فمن انهزم حتى يجوز صف أصحابه فقد باء ". كذا ورد (1).
(فلم تقتلوهم) بقوتكم، يعني: إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم (ولكن الله قتلهم) بأن أنزل الملائكة وألقى الرعب في قلوبهم وقوى قلوبكم. (وما رميت) أنت يا محمد (إذ رميت ولكن الله رمى) حيث أثرت الرمية ذلك الأثر العظيم.
روي: " أن قريشا لما جاءت بخيلائها أتاه جبرئيل فقال: خذ قبضة من تراب فارمهم بها. فقال لعلي عليه السلام: أعطني قبضة من حصباء (2) الوادي، فأعطاه فرمي بها في وجوههم وقال: شاهت الوجوه، فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه فانهزموا، ورد فهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم، ثم لما انصرفوا أقبلوا على التفاخر، فيقول الرجل: قتلت وأسرت، فنزلت " (3).
أثبت الرمي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه وجد منه صورة، ونفاه عنه معنى، لان أثره الذي لا يدخل في قدرة البشر فعل الله سبحانه، فكأنه فاعل الرمية على الحقيقة، وكأنها لم توجد من الرسول.
(وليبلي المؤمنين بلاء حسنا): ولينعم عليهم نعمة عظيمة بالنصر والغنيمة ومشاهدة الآيات فعل ما فعل. (إن الله سميع) لإستغاثتهم ودعائهم (عليم) بنياتهم وأحوالهم.
(ذلكم): الغرض ذلكم (وأن الله موهن كيد الكافرين) يعني أن المقصود إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين.

(١) العياشي ٢: ٥١، الحديث: ٣١، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
(٢) الحصباء: الحصى. القاموس المحيط ١: ٥٧ (حصب).
(٣) تفسير أبي السعود ٤: ١٣، وروح المعاني 9: 184، والتفسير الكبير (للفخر الرازي) 15: 139.
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست