التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٤٣٣
(وإذ يمكر بك الذين كفروا) يعني: قريشا. ذكره ذلك ليشكر نعمة الله عليه في خلاصه. (ليثبتوك) بالحبس (أو يقتلوك) بسيوفهم (أو يخرجوك) من مكة (ويمكرون ويمكر الله) برد مكرهم ومجازاتهم عليه (والله خير الماكرين).
قال: " إن قريشا اجتمعت فخرج من كل بطن أناس إلى دار الندوة (1) ليتشاوروا فيما يصنعون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا شيخ قائم بالباب، وإذا ذهبوا إليه ليدخلوا، قال:
أدخلوني معكم. قالوا: ومن أنت يا شيخ؟ قال: أنا شيخ من مضر (2) ولي رأي أشير به عليكم. فدخلوا وجلسوا وتشاوروا وهو جالس، وأجمعوا أمرهم على أن يخرجوه.
فقال: هذا ليس (3) لكم برأي إن أخرجتموه أجلب عليكم الناس فقاتلوكم. قالوا:
صدقت ما هذا برأي، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يوثقوه. قال: هذا ليس بالرأي إن فعلتم هذا ومحمد رجل حلو اللسان أفسد عليكم أبناءكم وخدمكم، وما ينفع أحدهم إذا فارقه أخوه وابنه أو مرأته، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه، يخرجون من كل بطن منهم بشاهر فيضربونه بأسيافهم جميعا عند الكعبة، ثم قرأ هذه الآية " (4).
والقمي ذكر ما يقرب منه مع زيادات، ثم قال: فنزل جبرئيل؟ عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره أن قريشا قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك، وأنزل عليه في ذلك: " وإذ يمكر بك " الآية. فلما أمسى جاءت قريش ليدخلوا عليه، فقال أبو لهب: لا أدعكم أن تدخلوا عليه بالليل، فإن في الدار صبيانا ونساء ولا نأمن أن تقع بهم يد خاطئة فنحرسه الليلة فإذا أصبحنا دخلنا عليه. فناموا حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمر رسول الله

(١) هي بمكة أحدثها " قصى بن كلاب " لما تملك مكة، وهي دار كانوا يجتمعون فيها للمشاورة.
معجم البلدان ٥: ١٨٦ و 279.
(2) في المصدر: " بني مضر " وهي من القبائل العربية العدنانية منسوبة إلى مضر بن نزار.
(3) في " ج ": " ليس هذا ".
(4) العياشي 2: 53، الحديث: 42، عن أحدهما عليهما السلام.
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست