تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٥١
منه المفعول به: أي لا تعدلين بهم أحدا، والتقدير: لا تعدلين مجاورتهم بمجاورة أحد، وحذف المفعول في القرآن كثير، ومنه (مالك يوم الدين) أي الحكم، وحسن هذا الاختصاص تفرد القديم سبحانه في ذلك اليوم بالحكم:
فأما في الدنيا فإنه يحكم فيها الولاة والقضاة والفقهاء، ومنه (فذوقوا بما نسيتم) أي العذاب، ومنه (ربنا إني أسكنت من ذريتي) أي ناسا أو فريقا، وقوله (فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض) أي شيئا وهو كثير.
والأتاوى: الغريب البعيد من الدار. والنكباء: الريح الشديدة، والصر: الريح الباردة. والمحلات:
اسم للماعونات مثل الفأس والقدر والرحى والدلو والغربال. يقول: لا تعدلين الغرباء الذين لأنزل لهم ولا ديار تكنهم من البرد والرياح العاصفة بأصحاب الديار والمنازل والأثاث. ومن ذلك قول ليلى الأخيلية:
كأن فتى الفتيان توبة لم ينخ * بنجد ولم ينجد مع المتغور ولم يغلب الخصم الألد ويملأ ال‍ * جفان سديفا يوم نكباء صرصر ترثى أخاها وتعد مناقبه. قيل إن توبة بن الحمير أراد ليلى الأخيلية على ما يريد الرجال، وكان كل منهما يحب صاحبه، فأبت واشمأزت وقالت في ذلك:
وذي حاجة قلنا له لا تبح بها * فليس إليها ما حييت سبيل لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه * وأنت لأخرى صاحب وخليل (وذي ضغن كففت السوء عنه * وكنت على إساءته مقيتا) في سورة النساء عند قوله تعالى (وكان الله على كل شئ مقيتا) قاله الزبير بن عبد المطلب: أي رب ذي ضغن وحقد على كففت سوء عنه وكنت مقتدرا على أن أصيبه بالمكاره: يعنى أتحمل عنه مع القدرة. وفى حواشي الصحاح عن الصغاني الرواية أقيت والقافية مضمومة وبعده:
يبيت الليل مرتفقا ثقيلا * على فرش القناة وما أبيت تعن إلى منه مؤذيات * كما تبرى الجذامير البروت الجذمور والجذمار: ما بقي من أصل السعفة إذا قطعت. البرت: الفأس; وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة هود عند قوله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم) أي اطمأنوا إليه وانقطعوا لعبادته بالخشوع والتواضع، من الخبت بالتاء الفوقية: وهى الأرض المطمئنة.
(ليت شعري وأشعرن إذا ما * قربوها منشورة ودعيت إلى الفضل أم على إذا حو * سبت إني على الحساب مقيت ينفع الطيب القليل من الرز * ق ولا ينفع الكثير الخبيث) في سورة النساء عند قوله تعالى (وكان الله على كل شئ مقيتا) واشتقاقه من القوت لأنه يمسك النفوس ويحفظها، قوله قربوها كناية عن الصحف كقوله تعالى (وإذا الصحف نشرت) ودعيت: يعنى حين يدعى كل أناس بإمامهم. ومقيت: أي حفيظ شهيد: أي ليت شعري وعلمي حاصل إذا أتوا بصحيفة أعمالي لقراءتها، إلى الفضل على غيري لوفور حسناتي، أم لغيري على الفضل لكثرة سيئاتي؟ فإني على الحساب شهيد عالم، ويروى إني بالكسر; والمعنى لا يختلف، كأنه تمنى أن يشعر أن هناك قدرة نافعة على الحساب في الفضل له وعليه مثل ما له
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»
الفهرست