تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٤٠
العداب ما استدق من الرمل، والندى الأول المطر والثاني الشحم، ومنه تسميتهم الخمر إثما لأنها سبب في اقتراف الإثم في قوله:
شربت الإثم حتى ضل عقلي * كذلك الإثم تذهب بالعقول وما أحسن قول سيدي عمر بن الفارض في خمريته:
وقالوا شربت الإثم كلا وإنما * شربت التي في تركها عندي الإثم ونحوه في علم البيان قول الراجز * أسنمة الآبال في سحابه * سمى الماء بأسنمة الآبال لأنه سبب سمن الإبل وارتفاع أسنمتها، ثم أن لفظ النكاح لم يرد في كتاب الله إلا في معنى العقد لأنه في معنى الوطء من باب التصريح به ومن آداب القرآن الكناية عنه بلفظ الملامسة والقربان والتغشي والإتيان: والمستن في البيت من استن الفرس قمص، وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معا ويعجن برجليه. وقمص البحر بالسفينة إذا حركها بالموج، والقميص الذي يلبس.
(أهلا بضيف أتى ما استفتح البابا * مجلبب من سواد الليل جلبابا) في سورة الأحزاب عند قوله تعالى (يدين عليهن من جلابيبهن) أي يغطين وجوههن وأيديهن. والجلباب:
ثوب واسع أوسع من الخمار ودون الرداء، تلويه المرأة على رأسها وتبقى منه ما ترسله على صدرها، وقيل الملحفة وكل ما يستتر به من كساء أو غيره، قال أبو زيد * مجلبب من سواد الليل جلبابا * ومن هذا الباب لا محالة بيت المبكر مع البازي على تلك الحالة، وبينهما بعض ملابسه، ونوع مجانسه، لكن:
* شتان ما بين اليزيد في الندى * وهل يستوى من ضل مع من اهتدى.
(تبا لمن بالهون قد ألبا * مثل البعير السوء إذ أحبا) في سورة ص عند قوله تعالى (أحببت حب الخير عن ذكر ربى) حيث ضمن أحببت معنى فعل يتعدى بعن كأنه قال: أنبت حب الخير عن ذكر ربى، أو جعلت حب الخير مجزيا أو معنيا عن ذكر ربى. وذكر أبو الفتح الهمداني أن أحببت بمعنى لزمت من قوله * * مثل البعير السوء إذا أحبا * وقبله: كيف قريت عمك القرشبا * حين أتاك لاغبا مخبا حلت عليه بالقفيل ضربا القرشب بكسر القاف: الشيخ المسن. والقفيل: الوسط. قال الجوهري: الإحباب البروك، والإحباب في الإبل كالحران في الخيل. واللاغب من اللغوب. ويقال جاءوا مخبين من أخبه حمله على الخبب، نوع من العدو وهو أن يراوح بين يديه ورجليه. وعن ثعلب أنه يقال للبعير الحسن مخب. وقال غيره: أخب أي لزم المكان فلم يبرح، وحلت عليه: أي وثبت. والمخب من الخبب بمعنى الإسراع. واعلم أن الخير في الآية هو المال كقوله (إن ترك خيرا) والمال الخيل، أو سمى الخيل خيرا كأنها نفس الخير لتعلق الخير بها، قال صلى الله عليه وسلم.
(الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة) وزيد الخيل هو زيد بن مهلهل الطائي سمى بذلك لشجاعته، وكان شاعرا مجيدا خطيبا شجاعا، وكفاك بمن سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير، ووصفه بأنه وجده فوق ما وصف له. روى أن جار الله الزمخشري لما قدم بغداد للحج أتاه السيد الشريف ابن الشجري مهنيا بقدومه
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست