الكرامة، لا تطفأ سرجها، و لا تدحض حججها، من لزمها عصم، و من خالفها ندم، إذ هي الحصن الحصين، و الركن الركين) (1)، لم يرض عن ترتيب الذين (أمعنوا في ذكر الطرق للأخبار، و أكثروا من تكرار المعاد للآثار، قصدا منهم لتحصيل الألفاظ على من رام حفظها من الحفاظ، فكان ذلك سبب اعتماد المتعلم على ما في الكتاب، و ترك المقتبسين التحصيل للخطاب) (2).
فلا بد إذا - و الحال هذه - من حيلة يحتالها، ليحفظ الناس السنن، و لأن لا يعرجوا على الكتبة و الجمع إلا عند الحاجة، دون الحفظ و العلم به.
فما الحيلة التي احتالها، لتحقيق هذه الغاية النبيلة؟!
يقول: (فتدبرت الصحاح لأسهل حفظها على المتعلمين، و أمعنت الفكر فيها لئلا يصعب وعيها على المقتبسين، فرأيتها تنقسم خمسة أقسام متساوية، متفقة التقسيم غير متنافية.
فأولها: الأوامر التي أمر الله عباده بها.
و الثاني: النواهي التي نهى عباده عنها.
و الثالث: إخباره عما احتيج إلى معرفتها.
و الرابع: الإباحات التي أبيح ارتكابها.
و الخامس: أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - التي انفرد بفعلها.
ثم رأيت كل قسم منها يتنوع أنواعا كثيرة) (3). (فجميع أنواع السنن