المعروف بالاستقصاء التام المشهود له بالإمامة في هذا الفن - تلقف من جاء بعده هذا الحكم، و عبر عنه بأسلوبه الخاص دون سبر لأبعاده و امتحان لمسوغاته.
فالأمير علاء الدين الفارسي - و هو الذي أعاد ترتيب صحيح ابن حبان على أبواب الفقه - يقول: (لكنه أي صحيح ابن حبان - لبديع صنعه، و منيع وضعه قد عز جانبه، فكثر مجانبه) (1).
و عبارته - كما ترى - لا تصف الصحيح بعسر الترتيب بمقدار ما تصف الناس بفتور الهمم في طلب العلم، و ضعف العزائم أمام مناعة الصنع و عزة الجانب.
و أما الحافظ السيوطي فقد قال: (و الكشف من كتابه - يعني صحيح ابن حبان - عسر جدا) (2).
و لكن الشيخ أحمد شاكر قد أطال في التعبير فقال: (و قد قصد بهذا الترتيب الذي اخترعه و تفنن فيه إلى مقصد لم يتحقق، و صار الكشف من كتابه عسرا جدا).
و قال أيضا: (و لكن حيلته للحفظ لم تفلح، ثم نجح أي نجاح في تصعيب الكشف من كتابه) (3).
و هنا نسأل: هل العسر الذي وصفت به طريقه ابن حبان منفي عن الطرق التي ألفها الناس و اعتادوها؟