مدهشة عمدته في ذلك ذكاء نادر، و خبرة طويلة، و ممارسة أصيلة، و شجاعة في الحق نادرة. فهو بذلك كله الإمام القادر على الأخذ و الرد، من كل شيخ سابق له في هذا المضمار النبيل.
فما الشروط التي ينبغي أن تتوفر في الحديث ليكون من مروياته، مثبتا في مدوناته؟
إنه يقرر ذلك - بلهجة الأستاذ الواثق في مقدمة صحيحه:
(و أما شرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإننا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول: العدالة في الدين بالستر الجميل.
و الثاني: الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
و الثالث: العقل بما يحدث من الحديث.
و الرابع: العلم بما يحيل من معاني الآثار.
و الخامس: المتعري خبره عن التدليس.
فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه، و بنينا الكتاب على روايته و كل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس، لم نحتج به) (1).
لقد كتب هذا المحقق العظيم عن أكثر من ألفي شيخ، و لكن معول صحيحه على نحو من عشرين شيخا، اقتنع بروايتهم و اطرح الباقي.
فكيف كانت تحصل له القناعة؟ و ما الطريق الذي يسلكه للوصول إليها؟