و روى الحازمي و الإسماعيلي عن البخاري قوله: (و ما تركت من الصحاح أكثر) (1).
و هذه النقول اعتراف صريح منهما بأنهما لم يذكرا في كتابيهما كل الصحيح. فالمجال إذا واسع، و الميدان فسيح أمام من تتحقق فيه العزيمة، و صدق القصد، و سعة الاطلاع، و دقة النقد ليتم ما بدأ به هذان الإمامان العظيمان.
و قد نهض لهذه المهمة، الحافظ الكبير، شيخ الإسلام، إمام الأئمة، محمد بن إسحاق بن خزيمة (223 - 311 ه) محاولا استيعاب الصحيح في مصنف، قد ضاع مع ما ضاع من ميراثنا العظيم، و لم يبق منه إلا ربعه (2).
ثم تلقف الراية من بعده تلميذه النجيب، الإمام الحافظ، أبو حاتم محمد بن حبان البستي، الذي نحن بصدد التعريف به و بكتابه الضخم المسمى ب (المسند على التقاسيم و الأنواع، من غير وجود قطع في سندها و لا ثبوت جرح في ناقليها) (3)، و المشهور بين أهل العلم ب (صحيح ابن حبان).