وكذلك، فإن السلف الصالح، أكثروا من التعبير عن خوفهم مما أعده الله للعصاة من عذاب شديد.. فبكوا وأبكوا.. وتذكروا وذكروا.. وبذلك انقذوا أنفسهم، وأنقذوا من حولهم.
غير أن الخلف لم يسر على درب السلف.. فنسوا الله فنسيهم، وغفلوا عن الله، فتركهم في ظلماتهم يعمهون.. حتى وصلوا إلى ما هم عليه اليوم، مما يعرفه القاضي والداني.. ولا دواء - كما أسلفنا - إلا بالعودة إلى الله..
وطريق العودة إلى الله، لا يكون إلا بالوقوف عند محارم الله..
ولا موقف عن محارم الله أفضل من التذكير بالله والتخويف من عذاب الله..
وبين أيدينا، في هذا الكتاب، مجموعة كبيرة من الآيات والأحاديث النبوية وأقوال السلف الصالح، مما يذكر الإنسان بالدار الآخرة، ويعرفه بحقيقة حال هذه الدنيا الفانية، ويبين له ما أعده الله عز وجل من عذاب شديد ونار حامية (وقودها الناس والحجارة) والعياذ بالله.
وقد جمعها ونسقها وبوبها، الثقة الحجة الحافظ، المعروف بابن رجب الحنبلي، جزاه الله عنا، وعن المسلمين، خير الجزاء.
ولكأني به - رحمه الله - قد أدرك - منذ ما يقرب من سبعة قرون - ما تبتلى به هذه الأمة اليوم من داء الغفلة والبعد عن الله، فألف لهم كتابه هذا، الذي أسماه (التخويف من النار، والتعريف بحال دار البوار)، ليكون هذا الكتاب في هذا العصر، الذي ادلهمت فيه الخطوب، خير مذكر، وأفضل معين. قال تعالى:
(ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر).
أما أولئك الذين يركبون رؤوسهم، ولا يتعظون، ولا يخافون.. فإنهم سوف يرون، وسوف يعاينون، وسف يوقنون، وعند ذلك سيندمون، ولكن.. لات ساعة مندم.
غير أنه لابد من التنويه بأن الخوف المطلوب، يجب ألا ينقلب إلى اليأس