شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٩٥
(454) الأصل:
وقال عليه السلام:
إذا كان في رجل خلة رائعة، فانتظروا منه أخواتها.
الشرح:
مثال ذلك إنسان مستور الحال عنا رأيناه وقد صدرت عنه حركة تروعك وتعجبك إما لحسنها أو لقبحها، مثل أن يتصدق بشئ له وقع ومقدار من ماله، أو ينكر منكرا عجز غيره عن انكاره أو يسرق أو يزنى، فينبغي أن ينتظر ويترقب منه أخوات ما وقع منه، وذلك لان العقل والطبيعة التي فيه المحركة له إلى فعل تلك الحركة، لا بد أن تحركه إلى فعل ما يناسبها، لأنها ما دعته إلى فعل تلك الحركة لخصوصية تلك الحركة، بل لما فيها من المعنى المقتضى وقوعها، وهذا يتعدى إلى غيرها مما يجانسها، ولذلك لا ترى أحدا قد اطلعت من حاله يوما على إنه قد شرب الخمر إلا وسوف تطلع فيما بعد منه على إنه يشربها، وبالعكس في الأمور الحسنة لا ترى أحدا قد صدر عنه فعل من أفعال الخير والمروءة إلا وستراه فيما بعد فاعلا نظيره أو ما يقاربه.
وشتم بعض سفهاء البصرة الأحنف شتما قبيحا فحلم عنه، فقيل له في ذلك، فقال:
دعوه فإني قد قتلته بالحلم عنه، وسيقتل نفسه بجرأته، فلما كان بعد أيام جاء ذلك السفيه فشتم زيادا، وهو أمير البصرة حينئذ، وظن إنه كالأحنف، فأمر به فقطع لسانه ويده.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست