(٣٥٨) الأصل:
وقال عليه السلام لبعض أصحابه: لا تجعلن أكثر شغلك بأهلك وولدك، فإن يكن أهلك وولدك أولياء الله فإن الله لا يضيع أولياءه، وأن يكونوا أعداء الله فما همك وشغلك بأعداء الله!
الشرح:
قد تقدم القول نحو هذا المعنى، وهو أمر بالتفويض والتوكل على الله تعالى فيمن يخلفه الانسان من ولده وأهله، فإن الله تعالى أعلم بالمصلحة، وأرأف بالانسان من أبيه وأمه، ثم إن كان الولد في علم الله تعالى وليا من أولياء الله سبحانه، فإن الله تعالى لا يضيعه، قال سبحانه: ﴿ومن يتوكل على الله فهو حسبه﴾ (1).
وكل ولى لله فهو متوكل عليه لا محالة، وإن كان عدوا لله لم يجز الاهتمام له والاعتناء بأمره، لان أعداء الله تجب مقاطعتهم، ويحرم توليهم، فعلى كل حال لا ينبغي للانسان أن يحفل بأهله وولده بعد موته.
واعلم أن هذا كلام العارفين الصديقين، لا كلام أهل هذه الطبقات التي نعرفها، فإن هذه الطبقات تقصر أقدامهم عن الوصول إلى هذا المقام.
ويعجبني قول الشاعر أيا جامع المال وفرته * لغيرك إذ لم تكن خالدا فإن قلت: أجمعه للبنين * فقد يسبق الولد الوالدا وإن قلت أخشى صروف الزمان * فكن من تصاريفه واحدا