وقال آخر: السلطان إن أرضيته أتعبك، وإن أغضبته أعطبك.
وكان يقال: إذا كنت مع السلطان فكن حذرا منه عند تقريبه، كاتما لسره إذا استسرك، وأمينا على ما ائتمنك، تشكر له ولا تكلفه الشكر لك، وتعلمه وكأنك تتعلم منه وتؤدبه وكأنه يؤدبك، بصيرا بهواه، مؤثرا لمنفعته، ذليلا إن ضامك، راضيا إن أعطاك، قانعا إن حرمك، وإلا فابعد منه كل البعد.
وقيل لبعض من يخدم السلطان: لا تصحبهم، فإن مثلهم مثل قدر التنور، كلما مسه الانسان أسود منه، فقال: إن كان خارج تلك القدر أسود فداخلها أبيض.
وكان يقال أفضل ما عوشر به الملوك قلة الخلاف، وتخفيف المئونة.
وكان يقال: لا يقدر على صحبة السلطان إلا من يستقل بما حملوه، ولا يلحف إذا سألهم، ولا يغتر بهم إذا رضوا عنه، ولا يتغير لهم إذا سخطوا عليه، ولا يطغى إذا سلطوه، ولا يبطر إذا أكرموه.
وكان يقال: إذا جعلك السلطان أخا فاجعله ربا، وإن زادك فزده.
وقال أبو حازم: للسلطان كحل يكحل به من يوليه، فلا يبصر حتى يعزل.
وكان يقال لا ينبغي لصاحب السلطان أن يبتدئه بالمسألة عن حاله، فان ذلك من كلام النوكى (1) وإذا أردت أن تقول: كيف أصبح الأمير؟ فقل: صبح الله الأمير بالكرامة، وإن أردت أن تقول: كيف يجد الأمير نفسه؟ فقل: وهب الله الأمير العافية، ونحو هذا، فإن المسألة توجب الجواب، فإن لم يجبك اشتد عليك، وإن أجابك اشتد عليه.
وكان يقال صحبة الملوك بغير أدب كركوب الفلاة بغير ماء.